بعد سنوات من التحديات.. «Bybit» تنضم إلى «MiCAR» للتوسع في الأسواق الأوروبية

بعد سنوات من التحديات.. «Bybit» تنضم إلى «MiCAR» للتوسع في الأسواق الأوروبية

بعد شهور من التوترات التنظيمية والهجمات السيبرانية التي أرخت بظلالها على مصداقية العديد من منصات العملات الرقمية، أعلنت منصة Bybit، ثاني أكبر بورصة لتداول الأصول الرقمية من حيث حجم التداول، عن حصولها رسمياً على رخصة MiCAR الأوروبية، واختيار فيينا مقراً لأعمالها في القارة العجوز، في خطوة تحمل بين طياتها أكثر من مجرد توسع جغرافي.

نقلة استراتيجية.. لا هروب للأمام

اليوم، مع الحصول على ترخيص MiCAR من هيئة الأسواق المالية النمساوية، تضع Bybit نفسها في مسار تنظيمي صارم قد يكون مكلفاً، لكنه ضروري لتثبيت حضورها داخل أوروبا السوق التي تُقدر قيمتها المتوقعة في الأصول الرقمية بنحو 750 مليار دولار بحلول 2028.

لماذا النمسا؟ ولماذا الآن؟

وقال مازوركا زينج، الرئيس التنفيذي لـBybit أوروبا، «نريد أن نكون جزءاً من النسيج المالي المحلي، لا مجرد شركة أجنبية تنشط في الفضاء الرقمي».

درع قانوني أم قيد تشغيلي؟

ترخيص MiCAR (قانون تنظيم الأسواق في الأصول المشفرة)، الذي دخل حيز التنفيذ بداية 2025، يُعد أول إطار تشريعي موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي لتنظيم العملات الرقمية، ما يوفر لـBybit نافذة قانونية للوصول إلى 500 مليون مواطن أوروبي في 29 دولة أعضاء في المنطقة الاقتصادية الأوروبية EEA، بموجب جواز السفر الأوروبي للخدمات المالية EU Passporting، لكن هذا لا يأتي من دون تكلفة.فالإطار الجديد يفرض الإفصاح الكامل عن المخاطر المرتبطة بالأصول المشفرة وقيوداً على عمليات الإقراض بالعملات الرقمية وإجراءات صارمة لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يتطلب إعادة هيكلة للمنتجات والخدمات التي تقدمها المنصة حالياً في الأسواق الأقل تنظيماً.

رؤية أوروبية

في معرض تعليقه على دخول شركات مثل Bybit إلى السوق الأوروبية تحت مظلة MiCAR، قالت مايير ماكغينيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الخدمات المالية والاستقرار المالي بتصريح سابق أدلى به في بروكسل خلال أبريل 2025 «أوروبا لا تُغلق أبوابها أمام الابتكار، لكنها تفتحها فقط لمن يلتزم بالقواعد، MiCAR ليس عبئاً، بل هو جواز سفر تنظيمي لأي شركة ترغب في كسب ثقة المستخدم الأوروبي والبقاء في السوق على المدى الطويل».هذا التصريح يعكس بوضوح أن مستقبل منصات العملات الرقمية في أوروبا لم يعد يُبنى على الهيمنة التقنية أو التمويل المغامر وحده، بل على الامتثال الشامل والثقة المستدامة.

بين الثقة والمنافسة

يعد دخول Bybit أوروبا من بوابة MiCAR ليس مجرد توسع طموح، بل هو رهان مزدوج على الامتثال والثقة، فبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ضبط الفوضى في سوق الأصول الرقمية، تجد المنصات الكبرى نفسها مضطرة للعب بشروط المنظمين، أو مغادرة السوق، وفي هذا السياق تمثل فيينا -ليس فقط مقراً جديداً لـBybit، بل نقطة انطلاق لمسار جديد يتطلب أكثر من شجاعة تنظيمية، بل التزاماً استراتيجياً طويل الأمد.ولن يقاس نجاح Bybit في أوروبا فقط بعدد المستخدمين الجدد أو نمو أحجام التداول، بل بقدرتها على إعادة بناء الثقة في منصتها بعد الحوادث الأمنية الماضية، المنافسة شرسة، خاصة من منصات مثل Binance التي بدأت فعلياً في تكييف نفسها مع MiCAR، وCoinbase التي تواصل تعزيز علاقاتها مع الحكومات الأوروبية.

ماذا يقول المستخدم الأوروبي؟

في استطلاع أجرته مؤخراً مؤسسة Statista حول ثقة المستخدمين الأوروبيين في منصات تداول الأصول الرقمية، أظهر أكثر من 62% من المشاركين أنهم يفضلون التعامل مع منصات تحمل تراخيص أوروبية واضحة وتخضع لإشراف مباشر من سلطات محلية، خاصة بعد سلسلة الانهيارات التي هزّت السوق العالمية منذ 2022، وبالنسبة لشرائح المستخدمين في ألمانيا والنمسا وهولندا، فالثقة التنظيمية باتت تتفوق على العوائد المرتفعة.وفي المقابل، تُواجه Bybit منافسة مباشرة من Binance، التي بدأت مبكراً في تعديل أوضاعها وفق إطار MiCAR، ولكنها لا تزال تكافح للحصول على تراخيص كاملة في عدد من الدول الأوروبية بعد تعرضها لضغوط تنظيمية في فرنسا وألمانيا، ومع ذلك تمتلك Binance قاعدة مستخدمين أوسع وعلاقات أعمق مع مطوري البنية التحتية المالية في المنطقة.وفي هذا السياق، فإن دخول Bybit إلى النمسا برخصة MiCAR يشكل تحدياً مباشراً لبقية المنصات الكبرى؛ فالمنافسة لم تعد على حجم التداول فقط، بل على من يقدم منصة موثوقة ومطابقة للقوانين بصورة مستدامة.