حرب ترامب التجارية تؤثر سلباً على أبل وتعرض المدخرات التقاعدية في الولايات المتحدة للخطر

لم تعد تبعات حرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية مقتصرة على الشركات الكبرى فحسب، بل باتت تهدد مدخرات التقاعد للملايين من الأميركيين.
وأدى تصريح لترامب في وقت سابق هذا الشهر يطالب فيه أبل بنقل إنتاجها بالكامل إلى داخل الولايات المتحدة، إلى انخفاض سهم الشركة بنسبة 3% في يوم واحد، ما يعكس هشاشة ثقة المستثمرين.
أبل تُعد من المكونات الأساسية في العديد من خطط التقاعد الأميركية مثل «401(k)»، والتي غالباً ما تكون مرتبطة بمؤشرات مثل «S&P 500». وتمثل أسهم أبل وحدها نحو 6% من قيمة هذا المؤشر، وفقاً لهوارد سيلفربلات، كبير المحللين في «S&P Dow Jones Indices»، وبما أن المؤشر يعتمد على القيمة السوقية، فإن تراجع أسهم أبل له تأثير واسع على الصناديق المرتبطة به.خلال عام 2024، فقدت أبل ما يقارب تريليون دولار من قيمتها السوقية، لتنخفض من مستوى قياسي بلغ 3.9 تريليون دولار إلى ما يزيد قليلاً على 3 تريليونات بنهاية مايو، حسب بيانات «فاكت سيت».وقد شهد سهم الشركة أسوأ يوم له منذ خمس سنوات في أبريل الماضي، عندما تراجع بنسبة 9.25% عقب إعلان ترامب عن رسوم جمركية «متبادلة» ضخمة.ولم تكن أبل وحدها المتضررة، فقد تراجعت أسهم شركات كبرى مثل أمازون (6%)، وغوغل (9%)، وتسلا (14%) منذ بداية العام، وهو ما أثر سلباً على أداء العديد من خطط التقاعد.تذبذب السوق وتحديات الاستراتيجية التقليديةورغم أن شركات مثل مايكروسوفت وإنفيديا سجلت مكاسب بنحو 9% و0.6% على التوالي، فإن مؤشر S&P 500 ارتفع بالكاد بنسبة 0.5% منذ بداية العام، ما يشير إلى تأثر السوق بشكل عام.وقال سكوت لادنر، الرئيس التنفيذي للاستثمار في Horizon Investments، إن «الاقتصاد لا يستطيع العمل في بيئة من عدم اليقين الشديد لفترة طويلة دون أن تظهر تداعيات اقتصادية».وبحسب معهد الاستثمار الأميركي، بلغ إجمالي أصول التقاعد في الولايات المتحدة 44.1 تريليون دولار بنهاية عام 2024، منها 8.9 تريليون دولار في خطط «401(k)»، ورغم أن هذه الاستثمارات طويلة الأجل، فإن تقلبات السوق الأخيرة أثارت قلق الكثيرين.استراتيجيات لحماية مدخرات التقاعدينصح الخبراء بعدم التسرع في بيع الأصول خلال فترات الهبوط، إذ غالباً ما تعقب التراجعات انتعاشات قوية، وقال تيم ستيفن، مدير التخطيط المتقدم في Baird Private Wealth Management، إنه من المهم أن يكون المستثمرون على دراية بكيفية توزيع استثماراتهم.وأضاف: «قد يظن البعض أن لديهم محفظة متنوعة لمجرد امتلاكهم أربعة صناديق استثمار، لكن إن كانت هذه الصناديق تستثمر في النوع نفسه من الأسهم، فربما تكون المحفظة غير متنوعة كما يظنون».وتعد فترات الانخفاض فرصة لإعادة تقييم الاستثمارات وتنويعها عبر صناديق سندات أو أسهم دولية لتقليل المخاطر.أما توماس مارتن، كبير مديري المحافظ في Globalt Investments، فقال إن أبل «تمر بعام صعب»، لكنه لا يرى أن الشركة في خطر طويل الأمد. وأضاف: «لا ينبغي للمستثمرين أن يراقبوا حسابات التقاعد يومياً، فهذه استثمارات طويلة الأجل تنمو على مدى سنوات».مستقبل أبل والأسواقيرى أنجيلو زينو، نائب الرئيس الأول والمحلل التكنولوجي في CFRA Research، أن أبل تواجه عاملين رئيسيين من عدم اليقين هذا العام: أولاً تهديدات الرسوم الجمركية، وثانياً قضايا مكافحة الاحتكار التي تطال شركة «ألفابت» المالكة لغوغل، والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع أبل.لكن رغم هذه التحديات، لا تزال أبل تُعتبر استثماراً قوياً ومرناً، ويؤكد المحللون أن تقييمها المرتفع له ما يبرره، نظراً لعوائدها الرأسمالية القوية وتدفقاتها النقدية المستقرة.وقال زينو: «لطالما حاول البعض التشكيك في مستقبل أبل، لكنها في كل مرة تثبت قدرتها على التكيف والابتكار».(جون توفيجي ومارك ستيوارت CNN)