«باين أند كومباني»: 300 مليار دولار من السيولة العالمية تتجنب السوق منذ 4 سنوات

«باين أند كومباني»: 300 مليار دولار من السيولة العالمية تتجنب السوق منذ 4 سنوات

في الوقت الذي بدأ فيه قطاع الاستثمار المباشر (Private Equity) يستعيد زخمه بعد تباطؤ عالمي طويل، جاءت موجة جديدة من الاضطرابات التجارية لتعيد حالة عدم اليقين إلى الساحة.. هذا ما كشف عنه تقرير النصف السنوي لـ«باين أند كومباني» راصداً تحولات في مشهد الاستثمار المباشر العالمي.
ووفقاً للتقرير، تراجع نشاط الاستحواذ في أبريل بنسبة 24% مقارنة بمتوسط الربع الأول، كما انخفض عدد الصفقات بنسبة 22%، وعلى صعيد التخارجات شهدت سوق الاكتتابات العامة جموداً شبه كامل، مع تأجيل أو إلغاء العديد من الطروحات.الأسباب الموجبة

مما لا شك فيه أن تصاعد التوترات التجارية العالمية والرسوم الجمركية فرضا واقعاً جديداً على صناع القرار الاستثماري، وأجبرا العديد من الشركات على إعادة النظر في استراتيجياتها ومخرجاتها المالية حسب ما جاء في التقرير. ورغم هذه التحديات وزيادة المخاطر، لا يزال لدى شركات الاستثمار المباشر سيولة غير مستثمرة ضخمة تُقدّر بـ1.2 تريليون دولار تنتظر التوظيف. ووفقاً للتقرير، فإن ربع هذه الأموال مجمّدة منذ أكثر من 4 سنوات، ما يفرض ضغوطاً على المديرين العامين (GPs) لتحريك عجلة الصفقات.وقال هيو ماك آرثر، رئيس قسم الاستثمار المباشر العالمي في باين أند كومباني «لا يوجد خلل هيكلي في السوق.. التاريخ يُظهر أن المشترين الاستراتيجيين يستثمرون خلال الأزمات، الفرص الأفضل غالباً ما تظهر في لحظات الغموض القصوى، وهذا لا يزال صحيحاً في عام 2025»، مشيراً إلى أن تعافي الزخم الاستثماري قد يكون أسرع مما يتوقعه الكثيرون، في حال تراجعت حدة اضطرابات الرسوم الجمركية.السيولة تهدد التخارجولعل أبرز التحديات التي يواجهها القطاع حالياً، وفق التقرير، هي شح السيولة، فمع تباطؤ عمليات التخارج تجد الشركات نفسها عاجزة عن توزيع العوائد على المستثمرين المحدودين (LPs)، ما يعوق قدرتها على جمع رؤوس أموال جديدة.ويوضح التقرير أن الصناديق الحديثة تتأخر عن المعايير التاريخية في توزيع العوائد، ما يدفع المستثمرين إلى رفض التخارجات الجزئية والمطالبة بصفقات بيع كاملة، رغم الصعوبات المرتبطة بها. كما أشار التقرير إلى أن سوق التداولات الثانوية باتت ملاذاً مؤقتاً لبعض المستثمرين، لكنها لا تشكل سوى أقل من 5% من إجمالي أصول الاستثمار المباشر عالمياً، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها لحل أزمة السيولة.تباطؤ في جمع الأموالوأظهر التقرير أيضاً تباطؤاً مستمراً في عمليات جمع الأموال، حيث سجلت صناديق الاستحواذ العالمية انخفاضاً في خمسة فصول متتالية، وربما تتفادى بالكاد فصلاً سادساً من التراجع في الربع الثاني من 2025.وللمرة الأولى منذ عشر سنوات، لم يُغلق أي صندوق استحواذ تتجاوز قيمته 5 مليارات دولار خلال الربع الأول.. ويعكس ذلك انخفاض متوسط حجم الصناديق وتراجع عدد الصناديق المُغلقة، في ظل تردد المستثمرين بسبب ضعف التوزيعات.ومع وجود أكثر من 18,000 صندوق استثمار خاص يسعى إلى جمع 3.3 تريليون دولار، أشارت (باين أند كومباني) في تقريرها إلى وجود ثلاثة أضعاف الطلب مقابل المعروض المتاح من رؤوس الأموال، «فالمستثمرون يعيدون النظر في استراتيجياتهم، ومصادر رأس المال المستقبلية باتت محل تساؤل ويتوجب على مديري الصناديق الانتقال من أساليب جمع الأموال غير الرسمية إلى نهج أكثر منهجية»، بحسب التقرير.خريطة طريق جديدةوأكد التقرير أن عام 2025 يتطلب نهجاً استثمارياً جديداً، يختلف جذرياً عن السنوات السابقة.. فلم تعد الظروف الاقتصادية السابقة صالحة كأساس لتقييم الفرص، وتحتاج الشركات في المحافظ الاستثمارية إلى إعادة تقييم نماذج أعمالها وتكاليفها التشغيلية.وقالت ريبيكا بوراكن، الرئيسة العالمية لقسم الاستثمار المباشر في باين أند كومباني «إن النجاح لا يقتصر على فهم تأثير الرسوم الجمركية على المدى القصير، بل على القدرة على التأقلم مع حقبة ما بعد العولمة، والتميّز في التقييم، وإبداع صفقات جديدة». وأضافت أن على الشركات الاستفادة من أدوات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، ما يعزز الأرباح ويُبرر تقييمات أعلى في الأسواق الأقل تسامحاً مع المخاطر.الفرص لمن يجرؤون رغم الغموض الذي يكتنف النصف الثاني من 2025، أفاد التقرير بأن هذه التحديات لن تضع حداً لزخم الاستثمار المباشر، بل تؤكد أن النجاح سيذهب لمن يواجهون الاضطرابات لا لمن يتفادونها، ولمن يسارعون إلى استغلال الفرص في الأسواق المضطربة.وفي ظل عالم يتغير بسرعة جيوسياسياً وتجارياً تحتاج شركات الاستثمار إلى سرعة اتخاذ القرار، ومرونة التخطيط، ورؤية طويلة الأمد.