تراجع ثقة المستهلك الأميركي إلى ثاني أدنى مستوى لها منذ عام 1952

تراجع ثقة المستهلك الأميركي إلى ثاني أدنى مستوى لها منذ عام 1952

نادراً ما يكون الأميركيون متشائمين إلى هذا الحد بشأن الاقتصاد، انخفضت ثقة المستهلك بنسبة 11% هذا الشهر، لتسجل قراءة أولية قدرها 50.8، وفقاً لأحدث مسح أجرته جامعة ميشيغان، والذي نُشر يوم الجمعة، وهو ثاني أدنى مستوى على الإطلاق في سجلات تعود إلى عام 1952، وكانت قراءة أبريل أدنى من أي شيء تم تسجيله خلال الركود الكبير.
وقالت جوان هسو، مديرة المسح، في بيان: «لقد كان هذا الانخفاض، مثل الشهر الماضي، شاملاً وموحداً عبر جميع الفئات العمرية والدخل والتعليم والمناطق الجغرافية والانتماءات السياسية».

تراقب الاحتياطي الفيدرالي وول ستريت من كثب كيف سيترجم هذا التدهور في المشاعر إلى الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو 70% من الاقتصاد الأميركي، وما إذا كان الأميركيون سيفقدون الثقة في عودة التضخم إلى معدلاته الطبيعية في السنوات القادمة.في يوم الأربعاء، أوقف ترامب رفع التعريفات الجمركية الضخمة على عشرات الدول لمدة 90 يوماً، لكنه أبقى على تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، إلى جانب تعريفات منفصلة على بعض المنتجات والسلع، ووفقاً لتقرير من وكالة فيتش، كانت هذه التعريفات «المتبادلة» –وإن كانت لفترة قصيرة– هي أكبر زيادة في الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية في تاريخ البيانات الممتد لأكثر من 200 عام.ومع ذلك، لم تشمل الإعفاءات التي أعلنها ترامب الصين، ما أدى إلى استمرار التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث رفعت بكين تعريفاتها الجمركية على الواردات الأميركية إلى 125% من 84%.تم إجراء مسح ميشيغان بين 25 مارس و8 أبريل، وبالتالي لم يشمل ردود فعل المستجيبين على تأجيل التعريفات الأخير.العلاقة بين المشاعر والإنفاقفي الاقتصاد، تُعتبر الاستطلاعات «بيانات ناعمة»، بينما تُعتبر المقاييس التي تقيس النشاط الاقتصادي الفعلي، مثل مبيعات التجزئة، «بيانات صلبة».لقد تدهورت البيانات الناعمة بشكل واضح بسبب تعريفات ترامب الجمركية: أظهر آخر مسح لجامعة ميشيغان أن «نسبة المستهلكين الذين يتوقعون زيادة في معدلات البطالة في العام المقبل قد ارتفعت للشهر الخامس على التوالي، وأصبحت الآن أكثر من ضعف القراءة في نوفمبر 2024، وهي أعلى نسبة منذ عام 2009»، وفقاً للبيان.ومع ذلك، لا تزال البيانات الصلبة تبدو جيدة، لا يزال أصحاب العمل يواصلون التوظيف بوتيرة سريعة، ولم يقيد المتسوقون إنفاقهم بشكل واضح حتى الآن، رغم أن مبيعات التجزئة جاءت أضعف من المتوقع في الآونة الأخيرة.قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي في حدث بالقرب من واشنطن العاصمة: «أحياناً تكون الاستطلاعات سلبية للغاية، لكنهم يواصلون الإنفاق، الناس أنفقوا خلال فترة الجائحة، وأنفقوا أيضاً خلال فترة التضخم المرتفع».ومع ذلك، قد تتحول البيانات الصلبة إلى الأسوأ، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، يوم الجمعة، في حدث في بورتو ريكو، إنه يتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي بشكل حاد هذا العام، ما سيدفع إلى زيادة معدلات البطالة، كما يتوقع تسارع التضخم.وأضاف: «نظراً لتركيبة تباطؤ نمو القُوى العاملة بسبب انخفاض الهجرة وآثار عدم اليقين والتعريفات الجمركية، أتوقع الآن أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل كبير عن وتيرة العام الماضي، ومن المرجح أن يكون أقل من 1%».لقد لعب إنفاق الأميركيين الأكثر ثراءً دوراً رئيسياً في إبقاء الاقتصاد الأميركي مستمراً في النمو خلال السنوات القليلة الماضية، لكن الاضطرابات الأخيرة في وول ستريت التي أثارها فرض ترامب التعريفات الجمركية، تهدد بذلك.كتب بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في بنك كوميريكا، في مذكرة تحليلية حديثة: «لقد حافظت مكاسب السوق المالية للمستهلكين الأثرياء على نمو الاقتصاد في عام 2024 رغم الأسعار المرتفعة، لكن الأغنياء لن يشعروا بالثقة الكافية لمواصلة الإنفاق إذا استمر هذا الوضع».قال لاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، أكبر مدير للأصول في العالم، يوم الجمعة، إن الضباب الكثيف من عدم اليقين اليوم، الناجم عن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، يذكرنا بالأزمة المالية العالمية في عام 2008.وقال: لقد شهدنا فترات مماثلة من قبل، شهدت تحولات هيكلية كبيرة في السياسات والأسواق، مثل الأزمة المالية، وجائحة كوفيد-19، وارتفاع التضخم في عام 2022. وحافظنا على تواصل دائم مع عملائنا، وتبع ذلك بعض أكبر قفزات النمو التي حققتها بلاك روك.ورأى رئيس JPMorgan Chase، جيمي ديمون، أن الاقتصاد يواجه اضطرابات كبيرة، مشيراً إلى أن هناك «إيجابيات محتملة من الإصلاح الضريبي وإلغاء التنظيمات وسلبيات محتملة من التعريفات والحروب التجارية».قلق متزايد لدى الاحتياطي الفيدراليهناك مقياس واحد يعتمد على الاستطلاعات ويهم الاحتياطي الفيدرالي بشكل كبير: تصورات الأميركيين للأسعار، هذا أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يمكن أن يكون ذاتياً؛ فإذا كان الناس يتوقعون أن يرتفع التضخم ويظل مرتفعاً على المدى الطويل، فإنهم يعدلون إنفاقهم وفقاً لذلك.حتى الآن، كان هذا المقياس في الاتجاه الخاطئ، ارتفعت توقعات التضخم في العام المقبل إلى 6.7% هذا الشهر من 5% في مارس، وهو أعلى مستوى منذ عام 1981، بينما ارتفعت توقعات التضخم للسنوات الخمس إلى العشر المقبلة إلى 4.4% من 4.1%.إذا فقد الناس الثقة في أن التضخم سيعود إلى طبيعته في السنوات القادمة، فسيكون من الصعب للغاية على سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية محاربة التضخم.وقالت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، لوري لوغان، يوم الخميس في حدث في دالاس: «تُعلمنا التجارب أن عندما تصبح توقعات التضخم المرتفع راسخة، فإن الطريق إلى استقرار الأسعار يكون أطول، وسوق العمل أضعف، والندوب الاقتصادية أعمق».قد تكون توقعات التضخم اليوم أكثر عرضة من المعتاد لأن تصبح «غير ثابتة»، لأن المستهلكين قد مروا بفترة من التضخم المرتفع، ما جعل العديد من الأميركيين حساساً بشكل خاص للأسعار المرتفعة.