من REHUB إلى الدولة المتطورة.. هل يدخل لبنان فعلاً مرحلة الإصلاح؟

من REHUB إلى الدولة المتطورة.. هل يدخل لبنان فعلاً مرحلة الإصلاح؟

انطلق اليوم 3 يونيو 2025 في لبنان مؤتمر «الحكومة الذكية خبرات الاغتراب في خدمة لبنان» برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبمشاركة واسعة من مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين ومغتربين لبنانيين متخصصين في مجالات الرقمنة والحوكمة والتكنولوجيا.
فالشفافية لم تعد ترفاً بل ضرورة لتحقيق النمو الاقتصادي وإصلاح القطاع العام عبر التحول الرقمي وشفافية وشمول التشريعية الداعمة.

الإصلاح بالأرقام

وضمن هذه المساعي أطلقت جمعية الشفافية الدولية – لبنان مؤخراً، منصة REHUB الرقمية، بدعم من الاتحاد الأوروبي، ضمن إطار مشروع «بِناء» وخطة الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF). وتعتبر منصة REHUB أكثر من مجرد أداة توثيق ومتابعة، بل منصة تفاعلية توفّر خريطة طريق للإصلاحات وتُمكّن المواطنين والمجتمع المدني من تتبع الأداء الحكومي وتعزيز المساءلة، مع مؤشرات حية لمدى التزام الجهات الرسمية بالشفافية وتطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات. ووصف سيريل دوالين، نائب رئيس قسم التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان أن REHUB تمثل وسيلة حيوية لتوثيق ومراقبة الإصلاحات شريطة المساهمة الكفوءة من قبل المستخدمين لا سيما منظمات المجتمع المدني. قال جوليان كورسون، المدير التنفيذي لجمعية الشفافية الدولية في لبنان لـCNN الاقتصادية، إن التقدم في مسار الإصلاح يتطلب أولاً تحدي الأولويات بشكلٍ واضع مع تركيز القطاعات الحيوية ذات التأثير المباشر في المواطنين.وأفاد بأن المنصة ليست مجرد أداة شفافية، بل هي محفّز حقيقي للإصلاح، من خلال إتاحة بيانات دقيقة وموثوقة للمواطنين والمجتمع المدني لمساءلة الجهات الرسمية.

معايير شاملة

وشرح أن المنصة تمثل قطاعات حيوية مثل الكهرباء والمالية العامة والعدالة ومكافحة الفساد وإعادة الإعمار، كما تُشكّل مرجعاً أساسياً للجهات المانحة، بما فيها الاتحاد الأوروبي، لتوجيه التمويل المشروط نحو المشاريع الأكثر التزاماً وشفافية. وقد تبنّت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان رسمياً استخدام المنصة كأداة مرجعية لتقييم وتخصيص التمويل.تعتمد منصة REHUB على مصادر رسمية ومفتوحة في تجميع البيانات، ما يعني أن المعلومات المنشورة تستند إلى وثائق وتقارير حكومية موثوقة، ولا يتم نشر أي معلومة ما لم تكن صادرة عن مصدر مؤكد وموثّق. يتولى فريق الرصد في جمعية الشفافية الدولية، المؤلف من خبراء وباحثين، مهمة التحقق من صحة المعلومات المتعلقة بالإصلاحات الحكومية ومتابعتها بشكلٍ دقيق، كما تستقبل هذه الوحدة التعليقات والملاحظات من المستخدمين، وتتواصل مع الجهات المعنية عند الحاجة لضمان الدقة والتحديث المستمر.ويكمن الهدف الأساسي من هذا النهج في مراقبة مسار الإصلاح استناداً إلى رؤية واقعية وموثوقة، أمّا فيما يتعلق بمساحة المجتمع المدني، فتتيح المنصة لكل جهة أو جمعية إنشاء ملف تعريفي خاص بها تنشر من خلاله أنشطتها وتعليقاتها حول جهود المناصرة للإصلاح، تحت اسمها مباشرة.وتُشكّل هذه المنصة مساحة مدنية لتعزيز المتابعة والمناصرة والعمل الجماعي. وشدّدت أنطوانيت بو جبرائيل، مستشارة التواصل الاستراتيجي في مشروع «بِناء»، على أن REHUB تُمثّل فرصة لتحويل الأزمات إلى مسارات إصلاح من خلال شراكة فعّالة بين القطاعين العام والمدني.ومنذ إطلاق هذه المنصة في أواخر مايو الجاري، علمت CNN الاقتصادية أن المنصة اجتذبت أكثر من ألف مستخدم وتم تعقب 19 مشروعاً إصلاحياً.

تكلفة الفساد عالية

وسط هذا الزخم الإصلاحي، يعود الحديث عن الثمن الباهظ الذي يتكبّده لبنان بسبب الفساد المستشري.تشير التقديرات إلى أن كلفة الفساد في لبنان تبلغ نحو 1.5 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يوازي نحو 1,000 دولار لكل مواطن سنوياً.تداعيات هذا الفساد عميقة ومتداخلة.. الخدمات تنهار، الاستثمارات الأجنبية تتراجع، والفقر ارتفع إلى 44% بحسب البنك الدولي، أي ما يعادل 2.5 مليون مواطن، فيما بلغت البطالة قرابة 18% عام 2024..وعلى المستوى العالمي، يكلّف الفساد الاقتصاد العالمي نحو 2.6 تريليون دولار سنوياً، أي نحو 5% من الناتج المحلي العالمي، فيما تخسر الدول النامية وحدها نحو 1.26 تريليون دولار سنوياً بسبب الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة.فالتحول الرقمي هو خطوة حاسمة نحو إصلاح حقيقي في لبنان، لكن تحقيقه يبقى رهناً بوعي شعبي وإرادة سياسية لاقتلاع جذور الفساد وتحقيق المساءلة الشاملة والمفتوحة.