أوروبا تفرض قيوداً شديدة على استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي

أوروبا تفرض قيوداً شديدة على استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي

من نصائح الحميات الغذائية الخطرة، إلى المعلومات المضللة، والتنمر الإلكتروني، وخطاب الكراهية– يتزايد كل يوم حجم المحتوى الإلكتروني الضارّ بالأطفال، ولكن عدداً من الدول الأوروبية قررت أن تضع حداً لذلك، واتفقت على ضرورة أن يبذل الاتحاد الأوروبي المزيد لمنع وصول القُصّر إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
وبدعم من فرنسا وإسبانيا، قادت اليونان مقترحاً يدعو إلى تقييد استخدام الأطفال للمنصات الرقمية، في ظل أدلة متزايدة على الآثار السلبية التي تخلّفها مواقع التواصل على الصحة النفسية والجسدية للأطفال.

فرنسا واليونان والدنمارك دعت إلى حظر استخدام مواقع التواصل لمن هم دون سن 15، في حين اقترحت إسبانيا رفع هذا الحدّ إلى 16 عاماً.أما على الصعيد الدولي، فقد حظرت أستراليا استخدام وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاماً، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في وقت لاحق هذا العام، بينما تدرس نيوزيلندا والنرويج اعتماد حظر مماثل.وبعد محادثات اليوم في لوكسمبورغ، بدا أنه لا يوجد حتى الآن توافق واسع حول فرض حظر شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي للأطفال دون سن معينة.لكن وزيرة التحول الرقمي الدنماركية، كارولين ستيج أولسن، أكدت أن بلادها ستواصل الضغط في هذا الاتجاه، قائلة: «سوف نستمر في الدفع بهذا الملف».أما المفوضة الأوروبية للشؤون الرقمية، هينا فيركونين، فقد اعترفت بأن فرض حدّ سنيّ موحّد سيكون «تحدياً كبيراً» لأسباب متعددة، من بينها الفوارق الثقافية بين الدول الأعضاء، وصعوبة التطبيق العملي.ومع ذلك، تخطط المفوضية الأوروبية –وهي الجهة الرقابية الرقمية للاتحاد– لإطلاق تطبيق للتحقق من العمر في الشهر المقبل، وتؤكد أنه يمكن تنفيذه دون الكشف عن بيانات شخصية.خطوة كبيرة مرتقبةفي مايو الماضي، أصدر الاتحاد الأوروبي مسودة إرشادات غير ملزمة للمنصات الرقمية لحماية القُصّر، على أن يتم اعتمادها بعد انتهاء مرحلة التشاور العام هذا الشهر، وتشمل هذه الإرشادات ضبط إعدادات حسابات الأطفال لتكون خاصة بشكل تلقائي، وتسهيل عملية الحظر وكتم الحسابات الأخرى.وقالت وزيرة الشؤون الرقمية الفرنسية، كلارا شاباز، إن إلزام المنصات بالتحقق من العمر الحقيقي للمستخدمين سيكون «خطوة كبيرة جداً»، رغم أنه نظرياً مطلوب بالفعل بموجب القوانين الحالية.وتكمن المشكلة في أن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سبع أو ثماني سنوات يمكنهم إنشاء حسابات بكل سهولة، رغم أن الحد الأدنى العمري المفترض هو 13 عاماً، وذلك ببساطة عبر إدخال تاريخ ميلاد مزوّر.وأضافت شاباز: «إذا اتفقنا جميعاً كأوروبيين على ضرورة إيقاف هذا الوضع، وأنه ينبغي وجود نظام فعّال للتحقق من العمر، فهذا يعني أن الأطفال دون سن 13 لن يتمكنوا من الوصول إلى المنصات».وكانت فرنسا قد تصدّرت جهود التصدي للمشكلة، عبر إصدار قانون في عام 2023 يفرض على المنصات الحصول على موافقة الأهل للأطفال دون 15 عاماً، إلا أن هذا القانون لا يزال ينتظر الموافقة الأوروبية لدخوله حيّز التنفيذ.كما بدأت فرنسا تدريجياً هذا العام في فرض متطلبات على المواقع الإباحية للتأكد من عمر المستخدم، لمنع الأطفال من الوصول إلى محتواها؛ وهو ما دفع ثلاث منصات كبرى إلى إيقاف خدماتها هذا الأسبوع احتجاجاً.وفي السياق ذاته، حظرت «تيك توك» يوم الأحد وسم «#SkinnyTok» بعد ضغوط من الحكومة الفرنسية، وهو جزء من حملة تشجع على النحافة المفرطة بين المستخدمين.التحقق من العمر مدمج في الأجهزةأبدت فرنسا واليونان وإسبانيا قلقها من تصميم الخوارزميات في المنصات الرقمية التي تزيد من تعرض الأطفال للمحتوى الإدماني والضار، ما يفاقم مشكلات القلق والاكتئاب وتدني احترام الذات.ويقترح التحالف –الذي يضم أيضاً قبرص وسلوفينيا– تطوير تطبيق موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي، يدعم أدوات الرقابة الأبوية، ويتيح التحقق من العمر، ويقيّد استخدام تطبيقات معينة من قبل القُصّر.ويهدف هذا إلى أن تكون الهواتف الذكية والأجهزة الرقمية الأخرى مزودة بآلية تحقق من العمر مدمجة.الاتحاد الأوروبي يواصل الضغط بوسائل أخرى أيضاً، فهو يحقق حالياً مع «ميتا» بشأن «فيسبوك» و«إنستغرام»، وكذلك مع «تيك توك»، في إطار قانون الخدمات الرقمية الأوروبي (DSA)، وسط مخاوف من عدم كفاية الجهود لمنع وصول الأطفال إلى المحتوى الضار.كما فتح الاتحاد الأسبوع الماضي تحقيقاً مع أربع منصات إباحية، وسط شكوك بأنها لا تفعل ما يكفي لمنع وصول القاصرين إلى محتواها.