صفقة موانئ هائلة تعيد توجيه الأنظار إلى قناة بنما في خضم صراع دولي

صفقة موانئ هائلة تعيد توجيه الأنظار إلى قناة بنما في خضم صراع دولي

حذّر ريكاردو فاسكيز، المدير العام لهيئة قناة بنما، من أن صفقة استحواذ عالمية ضخمة بقيمة 23 مليار دولار تقودها شركة «إم إس سي» السويسرية الإيطالية ومجموعة «بلاك روك»، والتي تشمل شراء 43 ميناءً بينها اثنان في بنما، قد تُعرض مبدأ حياد القناة للخطر، وتؤثّر في الامتثال للمعاهدة الموقّعة مع الولايات المتحدة.
وقال فاسكيز في تصريحات نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز، «هناك خطر محتمل يتمثل في تركّز الطاقة التشغيلية، وإذا تمت الصفقة بصيغتها الحالية، فإنها قد تقوض من تنافسية بنما وتتعارض مع مبدأ الحياد».وتأتي هذه التصريحات في وقتٍ حساس، إذ تواجه بنما ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة، لا سيما بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة حول نيته «استعادة» السيطرة على القناة، التي بنتها الولايات المتحدة قبل أكثر من قرن، لكنها أعادتها لبنما تدريجياً بموجب معاهدة 1977 التي تنص على حياد دائم للقناة.
وتُعد هذه الصفقة جزءاً من صراع أوسع بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في أميركا اللاتينية، خاصة بعد انتقادات أميركية لسيطرة شركة «هاتشيسون» الصينية على اثنين من الموانئ المجاورة للقناة، وهو ما اعتبرته واشنطن تهديداً للأمن القومي.

تأثيرات اقتصادية محتملة

أعربت الهيئة عن خشيتها من تحول بعض عملاء شركة هاتشيسون إلى موانئ أخرى بعد الصفقة، ما قد يؤدي إلى انخفاض في حركة الحاويات عبر القناة. وبدلاً من الاستسلام لهذه التحديات، دعا فاسكيز إلى إحياء مشروع بناء ميناء في «كوروزال» على الجانب الهادئ من القناة، لجعل هيئة القناة نفسها مشغّلاً مباشراً للموانئ.وأكد فاسكيز قائلاً للصحيفة «بدلاً من الشعور بالقلق، علينا أن نغتنم الفرصة لتقديم اقتراح فعّال يُعزّز دور القناة في قطاع الشحن».كما تسعى الهيئة لتنويع مصادرها المائية وخطوط أعمالها لتجنب حالات الجفاف التي عطلت العمليات عام 2023، ومن بين المشاريع المقترحة بناء خط أنابيب لنقل الغاز النفطي المسال عبر القناة، بما يُتيح تفريغ الشحنات من جهة الكاريبي ونقلها براً إلى المحيط الهادئ.ومن شأن هذه الخطوة أن تفرّغ طاقة إضافية على القناة لنقل شحنات أخرى مثل الغاز الطبيعي المسال، المتوقع أن يزداد الطلب عليه مع التوسع في محطات التصدير على خليج المكسيك.

الرد على الضغوط الأميركية

في ظل الضغوط الأميركية المتكررة، رفض فاسكيز طلب واشنطن السماح بمرور السفن الحكومية الأميركية مجاناً عبر القناة، مؤكداً أن القواعد تنطبق على الجميع، بما في ذلك السفن البنمية نفسها.واختتم بالقول «المجانية ليست خياراً كما طُرح، يمكننا مناقشة الأمر، لكن المعاهدة قانون في بنما، وهي كذلك في الولايات المتحدة، ولا أحد يمكنه إجبار الآخر على خرق القانون».تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه بنما للحفاظ على توازن حساس بين المصالح الاقتصادية العالمية والتزاماتها السيادية، وسط سباق محتدم للسيطرة على طرق الشحن الدولية.