إعفاءات بكين لتصدير المنتجات الأفريقية.. فرصة مميزة للقارة الإفريقية

إعفاءات بكين لتصدير المنتجات الأفريقية.. فرصة مميزة للقارة الإفريقية

أعلنت بكين أمس الأربعاء منح إعفاء جمركي كامل لوارداتها من 53 دولة إفريقية تربطها بها علاقات دبلوماسية، مستثنية فقط إسواتيني، الدولة الوحيدة التي ما تزال تعترف بتايوان.
تكشف المتابعة الفورية للقرار عن ترحيب إفريقي حذر، وسط تساؤلات حول مدى استفادة اقتصادات القارة من هذه الخطوة، ودلالات استثناء إسواتيني في ظل التوترات الجيوسياسية.

مواجهة الرسوم الأميركية

دعا البيان المشترك الصادر يوم الأربعاء إلى رفض الأحادية والحروب التجارية، مطالباً الولايات المتحدة بـ«العودة إلى المسار الصحيح» لحل الخلافات التجارية من خلال الحوار القائم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
ويأتي هذا الموقف في أعقاب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعريفات جمركية صارمة على صادرات عدة دول إفريقية، منها 50 في المئة على ليسوتو، و47 في المئة على مدغشقر، و40 في المئة على موريشيوس، و37 في المئة على بوتسوانا، و30 في المئة على جنوب إفريقيا.واستثنت الصين إسواتيني من هذا الامتياز نظراً لاستمرار علاقاتها الرسمية مع تايوان، في خرق لمبدأ «الصين الواحدة»، الذي تعتبره بكين أساساً لعلاقاتها الدبلوماسية.

الصين وإفريقيا.. شراكة تتنامى

ركزت الصين ومفوضية الاتحاد الإفريقي على أهمية بناء مجتمع صيني إفريقي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد، فضلاً عن التزام الجانبين بتنفيذ مبادرة الحزام والطريق وتعزيز التعاون في مجالات الصناعة الخضراء، والتجارة الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والأمن، وسيادة القانون.ومن المرتقب أن توقع الصين اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الدول الإفريقية لتوسيع المعاملة الجمركية الصفرية لتشمل 100 في المئة من خطوط التعرفة، خصوصاً لصالح الدول الإفريقية الأقل نمواً، مع تحسين إجراءات النفاذ إلى السوق، والتدريب، والدعم الفني.وتعد الصين اليوم أكبر ممول للبنية التحتية في إفريقيا، وأحد أبرز الداعمين للتنمية الاقتصادية في القارة، وقد تطورت علاقات الجانبين عبر منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي أطلق عام 2000، وأصبح منصة مركزية لتعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة.وتسعى بكين من خلال هذه الخطوة إلى تكريس نموذج بديل للتعاون الدولي قائم على الشراكة لا التبعية، وعلى احترام السيادة والمصالح المشتركة، في مقابل ما تصفه بأنه «تدخلات خارجية تقوض التنمية في دول الجنوب».

فرصة لإفريقيا.. ولكن

يمثل إعفاء الصين لواردات 53 دولة إفريقية من الرسوم الجمركية خطوة نوعية نحو تعزيز صادرات القارة السمراء، لا سيما في القطاعات الزراعية والمواد الخام والمنسوجات. وبفضل هذه المعاملة التفضيلية، ستتمكن المنتجات الإفريقية من دخول السوق الصينية بأسعار أكثر تنافسية، ما يشجع المصنعين والمزارعين على التوسع في الإنتاج والتصدير، وتشير التوقعات إلى إمكانية نمو قطاعات مثل البن والكاكاو والشاي والفواكه، بالإضافة إلى تعزيز فرص الصناعات التحويلية في القارة.كما يعزز القرار من قدرة الدول الإفريقية على تنويع شركائها التجاريين، والحد من اعتمادها المفرط على الأسواق الغربية التي تشهد مؤخراً تصاعداً في النزعات الحمائية، خاصة من الولايات المتحدة، وبالإضافة إلى تعزيز الصادرات، يُتوقع أن تسهم المبادرة في جذب استثمارات صينية مباشرة في البنية التحتية والتصنيع، بما ينعكس إيجاباً على فرص العمل ونقل التكنولوجيا.رغم هذه الآفاق الواعدة، تظل الاستفادة الكاملة مرهونة بقدرة الدول الإفريقية على تطوير سلاسل التوريد المحلية، وتحسين كفاءة الموانئ وشبكات النقل، فضلاً عن تنويع قاعدة صادراتها، إذ إن الاعتماد على المواد الخام وحدها قد لا يكون كافيًا لضمان نمو مستدام في ظل تقلبات السوق العالمية، ومع ذلك، فإن الخطوة الصينية تمثل فرصة استراتيجية حقيقية لدفع عجلة التصنيع والتكامل الاقتصادي في القارة.