حفارات الشرق الأوسط تنخفض في مايو على الرغم من نمو الإنتاج في العراق والإمارات

حفارات الشرق الأوسط تنخفض في مايو على الرغم من نمو الإنتاج في العراق والإمارات

في وقتٍ تتأرجح فيه سوق الطاقة العالمية بين التوترات الجيوسياسية وتقلبات الأسعار، كشفت بيانات شهر مايو أيار 2025 عن تراجع في إجمالي عدد الحفارات في الشرق الأوسط، وسط تفاوت ملحوظ بين الدول العربية في أنشطتها النفطية والغازية، إذ تصدّرت العراق والإمارات والسعودية المشهد.
بلغ عدد الحفارات النشطة في الشرق الأوسط 327 حفّاراً خلال مايو أيار، مقابل 335 في أبريل نيسان، و341 في مايو أيار من العام الماضي، ما يُشير إلى تراجع شهري بثماني حفارات وسنوي بـ14 حفاراً، أي بنسبة انخفاض 2.4 في المئة شهرياً، و انخفاض 4.1 في المئة سنوياً. وعلى الرغم من هذا التراجع الإجمالي، إلا أن البيانات تُبرز ديناميكيات مختلفة بين دول المنطقة.
عزّز العراق موقعه كأكثر الدول العربية نشاطاً بعدد 60 حفّاراً نفطية برية، ليحافظ على الصدارة بزيادة عن مستوياته السابقة. وجاءت أبوظبي في المركز الثاني بـ59 حفّاراً (45 برية و14 بحرية)، في تأكيد واضح على تسارع وتيرة استثمارات شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، التي تقود توسعاً استراتيجياً في عمليات الاستكشاف البحري والبري.وسجّلت السعودية، رغم احتفاظها بمركز متقدم، بعض التراجع، إذ بلغ عدد الحفارات 69 فقط، موزعة على 45 للغاز، و18 للنفط، و6 بحرية، ويبدو أن المملكة تعيد ضبط استثماراتها بما يتماشى مع مستهدفات التوازن في السوق وتحقيق كفاءة إنتاجية أعلى. كما واصلت عُمان أداءها القوي بـ51 حفّاراً، متقدمة على الكويت التي سجّلت 28 حفّاراً، في حين بلغت الحفارات في مصر 25، وهو رقم يُظهر تراجعاً طفيفاً مقارنة بالشهور الماضية، خصوصاً في أنشطة الحفر البحري. أما قطر، فظلت عند مستويات منخفضة، بـ8 حفارات فقط، 5 منها بحرية، ما يعكس توجهاً محافظاً في التوسّع الاستكشافي، رغم امتلاكها واحداً من أكبر احتياطيات الغاز في العالم.تؤكد البيانات أيضاً أن الأنشطة البرية لا تزال تهيمن على قرابة 90 في المئة من إجمالي عمليات الحفر في الشرق الأوسط، ما يُشير إلى محدودية التوسّع في النشاط البحري، رغم أن غالبية الاكتشافات الجديدة في العالم أصبحت تُسجَّل في المياه العميقة.

الانخفاض عالمي… والأسباب مشتركة

سجّل عدد الحفارات النشطة في العالم في مايو أيار 2025 تراجعاً لافتاً، ليصل إلى 1,576 حفاراً، بانخفاض 40 حفاراً مقارنة بشهر أبريل نيسان، وبتراجع سنوي حاد بلغ 99 حفاراً مقارنة بمايو أيار 2024، حين بلغ عدد الحفارات 1,675. هذا التراجع يعكس حالة من الحذر الاستثماري لدى شركات الطاقة وسط استمرار التذبذب في توقعات الطلب العالمي.في أميركا الشمالية، تراجع عدد الحفارات إلى 690 حفاراً (676 برياً و14 بحرياً)، بعد أن فقدت المنطقة 35 حفاراً خلال شهر واحد. وعلى الرغم من أن كندا أظهرت بعض الثبات مع 116 حفاراً مقارنة بـ138 في أبريل نيسان، فإن الولايات المتحدة وحدها سجّلت انخفاضاً بـ13 حفاراً ليصل عددها إلى 573 فقط، ما يشير إلى ضغوط اقتصادية تؤثر على نشاط الحفر.في أميركا اللاتينية، ارتفع عدد الحفارات قليلاً إلى 136 مقارنة بـ130 في أبريل، لكنه لا يزال أقل من مستوى العام الماضي البالغ 157 حفاراً. أما أوروبا، فاستمرت في التراجع الخفيف، إذ انخفض العدد إلى 123 حفاراً مقارنة بـ126 في أبريل نيسان، لكنها بقيت قريبة من مستوياتها المسجّلة قبل عام.سجّلت إفريقيا تراجعاً طفيفاً إلى 94 حفاراً فقط، مقارنة بـ97 في أبريل نيسان، و106 في مايو أيار 2024، أما منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فشهدت استقراراً نسبياً عند 206 حفارات، لكنها فقدت 20 حفاراً مقارنة بمايو أيار العام الماضي، ما يعكس تباطؤاً في استثمارات التنقيب رغم النمو الاقتصادي في بعض الدول الآسيوية.

نظرة مستقبلية.. الحذر مستمر والنمو انتقائي

رغم هذا الانخفاض الجماعي، لا تزال بعض الدول العربية تُظهر إشارات على ثقة مستمرة في استثمارات التنقيب، خصوصاً العراق والإمارات اللتين عززتا حضورهما الإقليمي. ومع استمرار الضغط العالمي لزيادة المعروض وتحقيق الاستفادة من أسعار النفط، من المتوقع أن تشهد دول مثل مصر وقطر عودة تدريجية في أنشطة الحفر خلال النصف الثاني من 2025، مدفوعة بإصلاحات محلية وشراكات دولية متوقعة.الرسالة التي تُرسلها هذه البيانات واضحة، وهي أن قطاع الطاقة العالمي يتجه نحو عقلنة الإنفاق، وتعزيز الكفاءة، وتقليص المخاطر الجيوسياسية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على وتيرة التنقيب والنشاط الاستثماري. وفي هذا السياق، فإن كل حفار يُضاف أو يُسحب من الساحة، يعني أكثر بكثير من مجرد رقم؛ هو جزء من معادلة إعادة تشكيل خريطة الطاقة الجديدة.