ما سبب رفع الراية الحمراء فوق مسجد جمكران في قم؟

رفعت الراية الحمراء فوق قبة مسجد جمكران في مدينة قم، التي تحظى بمكانة دينية خاصة في المذهب الشيعي، وذلك عقب هجوم إسرائيلي واسع النطاق فجر اليوم استهدف مواقع نووية في إيران، وأدى إلى مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين.
وبثّت عبر وسائل الإعلام مشاهد لعشرات الإيرانيين يتجمّعون في باحة المسجد عقب رفع الراية.
فما دلالات هذا الحدث على الصعيد العسكري؟ وما رمزيته في الفقه الشيعي؟
لماذا ترفع الراية الحمراء؟
سبق أن رفعت هذه الراية بعد اغتيال القيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران العام الماضي.
كما رفعت بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري، في ضربة أمريكية ببغداد في يناير/كانون الثاني 2020.
ويعدّ اللون الأحمر رمزاً لدماء الشهداء في الثقافة الشيعية، وترفع الرايات الحمراء عادةً فوق المساجد أو في المواكب الدينية، خصوصاً خلال شهر محرم.
وبحسب حجة الإسلام ياسين حسين آبادي، أحد القائمين على الشؤون الثقافية في مسجد جمكران، فإن استخدام هذه الراية في المسجد يعد حديثاً نسبياً.
ما الذي نعرفه عن القادة العسكريين الإيرانيين الذين قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي؟
ماذا نعرف عن المنشآت النووية الإيرانية؟ وما التي استهدفتها إسرائيل؟
من يمتلك قوة نيرانية أكبر إيران أم إسرائيل؟
ففي مقابلة مع وكالة فرانس برس عام 2020، قال إن الراية ترفع منذ ثلاث سنوات خلال أيام الحداد العشرة الأولى من محرم، والتي يحيي خلالها المسلمون الشيعة ذكرى مقتل الحسين بن علي، حفيد النبي محمد.
وبعد اغتيال سليماني، صرّح آبادي: “بسبب استشهاد الجنرال قاسم سليماني ورفاقه، وبعد سماعنا دعوة المرشد الأعلى للانتقام الشديد، رفعنا هذه الراية ليجتمع حولها جميع المؤمنين الشيعة في العالم، وكل مناضل من أجل الحرية، للانتقام لدم قاسم سليماني الذي أريق ظلماً”.
ما رمزية هذه الراية؟
تحمل الراية عبارة: “يا لثارات الحسين”، والحسين يعدّ من أقدس الشخصيات لدى الشيعة، ويُجسّد مبدأ العدالة في العقيدة الشيعية. وقد قتل عام 680 ميلادية في معركة كربلاء على يد جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية.
ويعتبر مقتل الحسين من اللحظات التأسيسية في التاريخ الشيعي، ويمثل مفترقاً بين المذهبين الشيعي والسنّي.
ووفق بعض التقاليد الشيعية، فإن عبارة “يا لثارات الحسين” تعدّ نداءً تعبوياً يطلقه المؤمنون عند عودة “الإمام الغائب” المهدي المنتظر، آخر الأئمة الاثني عشر في المذهب الإمامي.
ونقلت وكالة “كربلاء الآن” أن الإمام علي بن أبي طالب، بعد أن أخذ بثأره من قاتله، وضعت راية خضراء على قبره، بينما لم يؤخذ بثأر الإمام الحسين بعد، لذا تبقى الراية الحمراء فوق مرقده، وتستبدل بالسوداء فقط خلال أيام محرم وحتى ظهور الإمام المهدي، بحسب المعتقد الشيعي.
ما أهمية مسجد جمكران؟
ويرتبط تأسيس مسجد جمكران بأسطورة. وبحسب المعتقدات الشائعة، فقد ظهر الإمام الثاني عشر، الإمام المهدي، لحسن بن مُثلة جمكران، وهو رجلٌ مُتقي، عام 393 هجري (عام 1002 ميلادي)، وأمره ببناء مسجد في الموقع، مُحدداً إياه كمكان تلتقي فيه الناس للدعاء لظهوره.
وفي أول رد للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، على الهجوم، قال إن على إسرائيل أن تتوقع عقاباً شديداً في أعقاب الغارات الجوية التي استهدفت مواقع نووية وأسفرت عن مقتل عدد من القادة العسكريين.
وأضاف أن إسرائيل “ارتكبت جريمة في بلدنا العزيز اليوم”، وأن قواته العسكرية “لن تدعها تفلت من العقاب”.
وأضاف: “بهذه الجريمة، أعد النظام الصهيوني لنفسه مصيراً مريراً ومؤلماً، سيشهده حتماً”.
يقع مسجد جمكران في إحدى ضواحي مدينة قم، التي تعدّ مدينة مقدّسة لدى الشيعة والمركز الرئيسي لتعليم الفقه في إيران.
وقد اكتسب المسجد أهمية رسمية متزايدة في الجمهورية الإسلامية بعد تولّي آية الله علي خامنئي منصب المرشد الأعلى عام 1989.
وبحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن الموقع الإلكتروني للمسجد، كان الجنرال قاسم سليماني يتردّد إلى الموقع لأداء الصلاة.
وشهد المسجد توسعة كبيرة على مدى العقود الثلاثة الماضية، ليضم اليوم خمس قباب، في سابقة نادرة ضمن العمارة الشيعية، حيث تكتفي معظم المساجد عادةً بقبة واحدة فقط.
