ما هي الخطوات التالية بعد نكسة حزيران؟

ما هي الخطوات التالية بعد نكسة حزيران؟

هاجمت إسرائيل في 13 حزيران (يونيو) 2025 إيران وتعرضت عدة مدن بينها طهران وقم وتبريز ومواقع نووية هامة وما لا يقل عن ست قواعد عسكرية للهجوم، وتم ضرب قلب برنامج التخصيب النووي الإيراني ومنشآت برنامج التسلح النووي وأشهرها منشأة التخصيب الرئيسية الإيرانية في نطنز.

واستهدف الهجوم قادة وعلماء نوويين إيرانيين بارزين يعملون على تصنيع قنبلة إيرانية، فقتل كل من المستشار علي شمخاني وقائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي ورئيس الأركان الجنرال محمد باقري والجنرال غلام علي رشيد نائب قائد الجيش والعلماء النوويين الإيرانيين عبد الحميد مينوچهر، وأحمد رضا ذو الفقاري وأمير حسين فقهي ومطلبي زاده ومحمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي. كما خلف الهجوم عدداً من الضحايا والمصابين وترك أضراراً عسكرية ومدنية ذات تأثير استراتيجي.

ويشكل ما حدث في عملية (الأسد الصاعد) نكسة ونكبة من العيار الثقيل لإيران وعلى كافة الأصعدة سيادياً وسياسياً واستراتيجياً وعسكرياً واستخبارياً، فمرغت كرامة الجمهورية الإيرانية الإسلامية وعفرت بالتراب، وعلى رأسها قائدها الأعلى علي خامنئي، وهذه النكسة أو النكبة لا تقل عن نكسة حزيران (يونيو) 1967.

إنَّ ما حدث لإيران في هذا اليوم الجمعة 13 حزيران (يونيو) 2025 الذي يعد يوماً أسود، يمثل فشلاً استراتيجياً في إدارة الصراع ونهاية لحقبة استمرت أربعة عقود نسجت إيران خلالها هالة دعائية وإعلامية عن مدى قوتها وجبروتها، حيث صدرت ثورتها للدول المجاورة وأشعرت الجميع أنها دولة لا تنال سيادتها أبداً وأن لها القدرة على تدمير كافة خصومها وبكل الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية وأنها دولة ذات قدرات استراتيجية لا تقهر، ولكن في ظرف 6 ساعات تجرعت السم مرة أخرى، ولكن من تناوله هذه المرة هو سماحة القائد آية الله العظمى علي خامنئي بعد أن تجرعه آية الله العظمى الإمام روح الله الخميني في حربه مع العراق.

على مدار أربعة عقود، فهم الجميع إيران أكثر مما فهمت نفسها، فاعتقد ملالي إيران وسياسيوها وقادتها وخبراؤها أنهم فوق الجميع فكراً ونهجاً وعلماً ومكراً ودهاءً حتى يوم الجمعة الأسود الثالث عشر من حزيران (يونيو) حين استفاقت إيران على فجر تعيس كشف وعرَّى هيكلها السيادي والدفاعي والاستخباري والأمني، فتهاوت دفاعاتها وتحصيناتها العسكرية والأمنية داخل العمق الإيراني أمام قوة الهجمات الإسرائيلية وأظهرت بعض التسجيلات تنزه أفراد وعملاء الموساد الإسرائيلي في الأماكن الحساسة التي كان من المفترض استحالة دخولهم لها، ونفذوا عدداً من العمليات الخاصة في غياب تام للحرس الثوري والأجهزة الأمنية الإيرانية في (عملية الأسد الصاعد) كغياب الأجهزة الاستخباراتية والأمنية الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 في بداية عملية طوفان الأقصى.

وتبع ذلك تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية الاستطلاعية والقتالية من رادارات وصواريخ، فانكشفت إيران عرضاً وطولاً أمام المقاتلات والصواريخ الإسرائيلية التي كانت موجهة لأهداف نوعية ذات ثقل سيادي واستراتيجي وتم اصطياد القادة والعلماء المستهدفين بكل سهولة وهنا أدركت إيران مدى حجم الخسارة وأدرك العالم تبدد الهالة الإيرانية المنسوجة بعناية.

وفي محاولة لحفظ ماء الوجه توعد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بـ”عقاب شديد” لإسرائيل متوعدًا برد إيراني كبير في الوقت والمكان المناسبين.

والواقع أنَّ أمام إيران أربعة خيارات سامة جداً، وهي إمَّا الاستسلام السياسي والتنازل والقبول بكافة المطالب الإسرائيلية والأميركية أو الانكفاء على نفسها وإصلاح ما يمكن إصلاحه والاستمرار في المفاوضات وكسب الوقت لالتقاط الأنفاس لجولة أخرى من الصراع، أو القيام برد محدود قد تعقبه هجمات إسرائيلية وربما أميركية لقمع أي محاولة أخرى وفرض واقع لا ترغبه إيران.

والخيار الرابع السام والمميت جداً هو الدخول في مواجهة شاملة وتهديد دول الجوار وإسرائيل وأميركا، وهنا تختار إيران الطريق الشاق والأصعب، وربما تدمر فيه بعض الأهداف والمصالح الخارجية ولكن ستتعرض لضربات غير مسبوقة تهدد حكم الملالي وحرسها الثوري وتدخل إيران في حرب خارجية وداخلية لا تحمد عواقبها مع الشعب الإيراني نفسه الذي ذاق الأمرين منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

جميع هذه الخيارات جرعات جديدة من السم للقيادة الإيرانية وحرسها الثوري، فهل ستختار إيران طريق الحرب أم طريق السلام؟ وماذا سيحل بأتباعها في العراق واليمن؟

وإنَّ غداً لناظره قريب.