تأثيرات الهجمات الإسرائيلية على إيران

تأثيرات الهجمات الإسرائيلية على إيران

الضربات الإسرائيلية الغادرة ضد إيران والأمة الإيرانية يوم الجمعة 13 حزيران (يونيو) 2025 ستترك تداعيات كبيرة وخطيرة على الشرق الأوسط والعالم، سواء على المدى القريب أو الاستراتيجي، ويمكن تلخيص هذه التداعيات في المحاور التالية:

أولاً: التداعيات الإقليمية (الشرق الأوسط)
1. خطر انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة:

الرد الإيراني قد لا يقتصر على استهداف إسرائيل؛ إذ قد يطال القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة؛ وقد يطال المحرضين على العدوان الإسرائيلي؛ فضلاً عن احتمالية مشاركة فصائل وحركات محور المقاومة في العراق ولبنان واليمن وفلسطين؛ مما قد يدفع بعض الأنظمة الإقليمية للتدخل؛ إذ ربما تحصل تدخلات سعودية أو تركية أو مصرية أو غيرها لاحتواء الموقف أو دعم جهات معينة… إلخ.

2. ارتفاع حاد في التوتر بين السنة والشيعة:
الضربات قد تعيد إذكاء الاستقطاب الطائفي، حيث قد تُستغل الصراعات للضغط السياسي على بلدان مثل العراق ولبنان والبحرين؛ لا سيما أنَّ بعض الأنظمة الإقليمية تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر للانقضاض على إيران وشيعة المنطقة العرب واستهداف النظام السياسي العراقي، مما يسهم في إضعاف محور المقاومة وإلهاء إيران عن محاربة إسرائيل، واكتفاء إسرائيل بهذه الأنظمة والحركات والفصائل الطائفية والتكفيرية، فهي أقسى على إيران والشيعة من الصهاينة أنفسهم.

3. خلخلة استقرار الأنظمة الهشة:
بلدان مثل العراق، ولبنان، وغيرهما قد تتحول إلى ساحات حرب بالوكالة، وسط ضعف حكومي ووجود فصائل مسلحة؛ وكذلك من الممكن تحول الأردن وسوريا إلى ممر عسكري أو هدف للرد الإيراني (خاصة إذا دعمت إسرائيل لوجستيًا).

4. تهديد أمن الطاقة والنقل:
مضيق هرمز، والذي يمثل شريان النفط العالمي والتجاري المهم، قد يتعرض للإغلاق أو الهجمات، ما يهدد صادرات وواردات الخليج ويشعل أسعار النفط…؛ وكذلك خطوط الغاز والنفط العابرة للعراق والسعودية نحو البحر الأحمر ستكون عرضة لخطر الهجمات بالطائرات المسيرة أو الصواريخ.

ثانيًا: التداعيات الدولية
1. أزمة اقتصادية عالمية محتملة

أسعار النفط ارتفعت بالفعل اليوم بعد الضربات، ويتوقع أن تصل الأسعار إلى أكثر من 120 دولارًا للبرميل إذا طال أمد التصعيد. وقد تتضرر الأسواق الناشئة وتعاني اقتصادات أوروبا من التضخم نتيجة ارتفاع الطاقة.

2. انقسام عالمي في المواقف
أميركا دعمت الضربة ضمنيًا، بينما روسيا والصين نددتا بها واعتبرتا أنها “انتهاك صارخ للسيادة”. بدورها، دعت أوروبا إلى وقف فوري للتصعيد لكنها مترددة في دعم علني لإسرائيل. الدول العربية في الخليج التزمت الصمت أو أبدت “قلقًا عميقًا” إلا أن السعودية قد استنكرت.

3. إعادة تشكيل التحالفات
هناك حديث عن تحالف دفاعي جديد بين إسرائيل وبعض الدول العربية (خصوصًا في الخليج)، في مقابل محور إيراني – روسي – صيني.

واشنطن قد تستخدم الأزمة لتبرير مزيد من التواجد العسكري في الشرق الأوسط بحجة “حماية الحلفاء”.

ثالثًا: الانعكاسات على الداخل الإيراني والإسرائيلي
في إيران: الضربات قد تضعف النظام داخليًا وتؤجج الغضب الشعبي إذا ثبت فشل الرد الإيراني؛ أو قد يستثمرها النظام الإسلامي لحشد الشارع الإيراني خلفه تحت شعار “المظلومية القومية”، خصوصًا إذا جاء الرد الإيراني قويًا، وكذلك مناصرة الجماهير الإسلامية لاسيما الشيعية للنظام الإسلامي إذ ردع إسرائيل بقوة.

في إسرائيل: الحكومة الإسرائيلية الحالية ستحصد مكاسب سياسية داخلية، لكنها تواجه الآن تهديدًا مباشرًا لأول مرة منذ 1973…؛ فالجبهة الداخلية في حالة تأهب، ومنظومة القبة الحديدية تعمل بأقصى طاقتها ومع ذلك أثبتت فشلها الذريع مما سوف ينعكس سلبًا على معنويات الإسرائيليين ويبطل دعاية التفوق الصهيوني.

ختامًا: نظرة استراتيجية
هذه الضربة قد تشكّل إما بداية لحقبة مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران قد تكون طويلة الأمد، أو آخر جولة من “حرب الظلال” تُنهي أحلام إيران النووية مؤقتًا، لكنها لا تقضي عليها؛ وفي كلا الحالتين، سيدفع الشرق الأوسط والعالم الثمن في أمنه واقتصاده واستقراره.