كيف overcame العربية السعودية التحديات لتقديم خدمات أفضل لضيوف الرحمن

وسط هذا الزحام المبارك، حيث تتشابك خطوات الحجيج في رحلة الإيمان، يتذكر أحدهم كيف كان الحج في سنوات مضت مليئًا بالتحديات. في الماضي، كانت لحظة رمي الجمرات محفوفة بالمخاطر، حيث التدافع والاختناق، وكان السير بين المشاعر المقدسة شاقًا، تتخلله أنفاق ضيقة واختناقات مرورية تستنزف الوقت والطاقة.
لكن اليوم، المشهد مختلف تمامًا. الحاج يسير في ممر صحي مغلف بطبقة إسفنجية، وقطار المشاعر يختصر المسافات في دقائق، بينما الطائرات المسيرة تحلق في السماء، تحمل الأدوية للحالات الطارئة، ويحيط بهم جيش من المتطوعين ورجال الأمن لضمان سلاسة التنظيم. حتى الأسواق التي كانت ترفع الأسعار أصبحت مغمورة بالمياه والوجبات المجانية، وكل شيء يعمل بانسيابية مدروسة.
في كل زاوية، هناك تقنية جديدة أو فكرة مبتكرة تجعل الحج ليس مجرد رحلة روحانية، بل تجربة إنسانية متكاملة تعكس التطور، التنظيم، والتفاني في خدمة ضيوف الرحمن، قصة نجاح كُتبت عبر سنوات من العمل، لتصبح المشاعر المقدسة اليوم نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود.
على مر العقود الماضية، استطاعت المملكة العربية السعودية أن تحدث تحولًا جذريًا في إدارة موسم الحج، متجاوزة العديد من التحديات التي كانت تعيق راحة وسلامة الحجاج، ومن خلال استثمارات ضخمة تجاوزت عشرات المليارات من الريالات، تم تطوير البنية التحتية للمشاعر المقدسة وتحقيق نقلة نوعية في تنظيم الحج، مما جعل أداء المناسك أكثر سلاسة وأمانًا.
في السابق، كانت حوادث التدافع والاختناق خلال رمي الجمرات أحد أكبر المخاوف التي تواجه الحجاج، ولكن مع إنشاء جسر الجمرات متعدد الأدوار، تم التحكم بالحشود بشكل مثالي، حيث يستوعب الجسر أكثر من 300 ألف حاج في الساعة، ما ساهم في تقليل الحوادث إلى مستويات شبه معدومة. كذلك، كان الحجاج يواجهون اختناقات داخل الأنفاق، مما أدى في بعض السنوات إلى وقوع وفيات، إلا أن السعودية وسعت الأنفاق وزادت عددها، بحيث أصبحت هناك مسارات مخصصة للمشاة وأخرى للحافلات، مما رفع الطاقة الاستيعابية لحركة الحجاج داخل المشاعر المقدسة بأكثر من 60%.
من الحلول المبتكرة أيضًا الممر الصحي الممتد من عرفات إلى مزدلفة ومنى، الذي تم تصميمه بطبقة إسفنجية لتقليل الضغط على مفاصل الحجاج أثناء المشي لمسافات طويلة. هذا المشروع جاء نتيجة دراسة دقيقة لمتطلبات الحجاج، خاصة كبار السن، ليساهم في جعل التنقل أكثر راحة.
أما على المستوى الأمني، فقد نجحت السعودية في إنهاء المظاهرات السياسية التي كان يفتعلها الحجاج الإيرانيون خلال مواسم الحج السابقة، وذلك من خلال تعاون دبلوماسي وتوعوي مع الحكومة الإيرانية، إضافة إلى فرض إجراءات صارمة لضمان أن الحج يبقى شعيرة دينية لا ساحة للصراعات السياسية، ونتيجة لذلك، لم تسجل أي حوادث شغب سياسية داخل المشاعر منذ سنوات.
وفي مجال السلامة، كانت حرائق خيام منى تشكل خطرًا كبيرًا على الحجاج، مما دفع الحكومة إلى تبني مشروع الخيام المقاومة للحريق، بتكلفة تتجاوز 3 مليارات ريال سعودي، حيث تم تصنيع الخيام من مواد غير قابلة للاشتعال، وتم منع استخدام الغاز ومواقد الطهي داخل المشاعر للحفاظ على السلامة العامة، ما أدى إلى انخفاض حوادث الحريق بنسبة تتجاوز 90%.
كما كانت مشكلة الاختناقات المرورية داخل المشاعر المقدسة تمثل تحديًا كبيرًا، حيث كان دخول السيارات الخاصة يزيد من التعقيدات، مما دفع السلطات إلى تقييد حركة المركبات داخل المشاعر واقتصار النقل على الحافلات، إضافة إلى مشروع قطار المشاعر المقدسة الذي ينقل أكثر من 72 ألف حاج في الساعة بين المشاعر، مما ساهم في خفض مدة التنقل بين المشاعر إلى أقل من 20 دقيقة مقارنة بساعات طويلة سابقًا.
اقتصاديًا، كانت هناك شكوى مستمرة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال موسم الحج، مما دفع الحكومة إلى توفير كميات ضخمة من الأغذية والمياه مجانًا، بمشاركة أكثر من 100 جمعية خيرية وآلاف المتطوعين، وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية داخل المشاعر بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالسنوات الماضية، مما خفف من الأعباء المالية على الحجاج.
ومن أبرز التحديات أيضًا كانت ظاهرة الحجاج غير النظاميين الذين يتسللون إلى المشاعر المقدسة ويفترشون الطرقات، مما يعيق تقديم الخدمات للحجاج الرسميين. وللتعامل مع هذه الظاهرة، قامت الحكومة السعودية بتشديد الإجراءات الرقابية وإطلاق حملات التوعية، إضافة إلى استخدام تقنيات التعرف البيومتري لمنع التسلل، مما أدى إلى تقليل عدد الحجاج غير النظاميين بنسبة 75% خلال الأعوام الأخيرة.
تواكب السعودية أحدث التقنيات لضمان سلاسة وأمان موسم الحج، حيث أصبحت المشاعر المقدسة بالكامل مغطاة بكاميرات مراقبة ذكية، ويتم استخدام طائرات الدرون لنقل الأدوية إلى المناطق المزدحمة بسرعة وكفاءة، إضافة إلى نشر أكثر من 25 مستشفى و180 مركزًا صحيًا داخل المشاعر المقدسة، مع وجود شبكات اتصالات وإنترنت موزعة بالكامل لضمان تواصل سريع وفعال بين الجهات الأمنية والخدمية. ومرشات مائية على جنبات الطريق لتخفيف حرارة الجو، وزيادة رقعة المساحات الخضراء والأشجار التي تساهم في تظليل الحجاج، والحديث يطول عن رغبة السعودية في تقديم خدمة مميزة لضيوف الرحمن.
هذه الإنجازات جعلت الحج ليس مجرد رحلة دينية، بل تجربة متكاملة مدعومة بأحدث التقنيات، الأنظمة الأمنية، الحلول الذكية، والاستثمارات الضخمة، مما يضع السعودية في مقدمة الدول التي تستخدم الإدارة الذكية للحشود، لتقديم حج أكثر راحة وسهولة عامًا بعد عام، ولعل المستقبل يحمل المزيد من التطورات التي تجعل من الحج تجربة غير مسبوقة في التنظيم والرفاهية.