ما دلالات نجاح موسم الحج؟!

في منتصف يوم الأحد الثاني عشر من شهر ذي الحجة للعام الهجري الجاري 1446هـ الموافق للثامن من حزيران (يونيو) 2025م، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود، نائب سمو أمير منطقة مكة المكرمة، نائب رئيس اللجنة الدائمة للحج والعمرة، عن نجاح موسم الحج أمنيًا وصحيًا وخَدَميًا، بعد أن تحقق التميّز في أداء الخطط التشغيلية التي تزامنت مع الرحلة الإيمانية لضيوف الرحمن، وأسهمت – بفضل من الله – في أدائهم لشعيرة الحج بأمن ويسر وطمأنينة، وقد بلغ عددهم مليونًا وستمائة وثلاثة وسبعين ألفًا ومائتين وثلاثين حاجًا وحاجة.
لقد شهد حج هذا العام أكثر من مائة وسبعة وأربعين ألف خدمة صحية مُقدَّمة، وأكثر من ألفي حالة نُقلت إلى العناية المركزة، ومائتين وثمانية وأربعين عملية قسطرة قلبية، وثماني عشرة عملية قلب مفتوح. أما الكهرباء في المشاعر المقدسة، فهي قصة نجاح تُروى بعد أن قام السعوديون بتصميم شبكة الكهرباء وتعميمها وإدخالها لكل متر مربع في المشاعر، وبأعلى المواصفات العالمية، بواقع عشرة آلاف عدّاد ذكي، وثلاثة آلاف محطة توزيع، وكيابل نقل توزيع تعادل مساحات دول، وقد بلغ إجمالي تكاليف الكهرباء فقط ما يربو على ثلاثة مليارات ريال، وهو ما يوازي ميزانيات دول ومدن عالمية. هذه الأرقام وغيرها كثير، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك بأن القيادة السعودية لا ترى في شرف خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وقاصديهم ميدانًا للربح المادي، بل هو شرف اختصه الخالق سبحانه لهذه البلاد، ليُبذل فيه الغالي والنفيس لراحة الحجاج وهم يؤدون كافة مناسكهم.
ليس بجديد أن ينجح موسم الحج، لكن الجديد هو ارتفاع تلك الأصوات النشاز، والأفواه القذرة، والأبواق المأجورة، والحسابات الوظيفية الحقيرة على منصات التواصل الاجتماعي، الذين لم يتحلّوا بأخلاق الإسلام ولا مروءة الجاهلية، فشمّروا عن ساعد التشكيك والمزايدة فيما تقدمه السعودية لموسم الحج. إن مركّب النقص الذي يعانيه من يقف وراء تلك الحسابات دعمًا ماديًا ومؤازرة، وتوفير كل سُبل الدعم اللوجستي، يؤكد بأنه ليس في قلوبهم أدنى مراعاة لشرف الزمان والمكان. لا شك أن تلك الحملة الوقحة التي واجهها السعوديون بكل شجاعة على أرض الواقع، أتت لتثبت حقيقة ثابتة، بأن الحق منصور مهما تكالبت عليه وسائل التشويه، تشهد بذلك حسابات الحجاج أنفسهم من مختلف دول العالم على منصات التواصل الاجتماعي، وهم يستعرضون بالصوت والصورة يومياتهم وحجم الخدمات المقدمة لهم، مصحوبة بمشاعر الامتنان والدعاء لبلاد الحرمين ومهبط الوحي، قيادةً وشعبًا.
إنَّ ترديد الأسطوانة السنوية المشروخة بشأن تدويل الإشراف على الحرمين، تسقط في كل مرة عندما تنقلب تلك الأعين الرمدة خاسئة وهي حسيرة أمام قصص الإعجاز السعودي في كل عام. ولله سبحانه الحكمة البالغة في أن تؤول خدمة بيته ومسجد نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتحملها بشرف الدولة السعودية منذ أكثر من قرن، هذه الدولة التي تنازل قائدها عن كل ألقاب التبجيل والتعظيم، واعتمد لقب (خادم الحرمين الشريفين) لقبًا رسميًا معتمدًا في البروتوكول الدولي عند مناداته في الكتاب والخطاب. بوركت الجهود يا مولاي وقائدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعضدكم سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حفظكما الله ورعاكما وأبقاكما ذخرًا لنا وللأمتين العربية والإسلامية وللإنسانية جمعاء. أما من يحلم يومًا بزعزعة ثقة المسلمين في قدرة السعودية على تنظيم موسم الحج، فليس له إلا أن يلعق التراب ويتناول ما يُذهب العقل لكي ينسى حجمه الحقيقي أمام آل سعود الكرام، مطوّعين الصعايب (إخوان نورة) خدّام الحرم في كل العصور، كابرًا عن كابر.