لبنان في قبضة الطائرات المسيرة الإسرائيلية

لبنان في قبضة الطائرات المسيرة الإسرائيلية

ما يعيشه اللبنانيون تحت “حصار” المسيّرات الإسرائيلية من كل مكان رغم وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى الاحتجاجات الأمريكية ومخاوف انتهاك الخصوصية وملاحقة المحتجين و”التنكيل” بهم، ورؤية جيل زد للمستقبل، كانت من أبرز اهتمامات الصحف الأمريكية والبريطانية لهذا اليوم.

ونبدأ من مقال في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية بعنوان “لبنان تحت حصار الطائرات المسيرة”، قالت الكاتبة راية جلبي، إن الحرب في لبنان مستمرة ولكن بشكل وطريقة مختلفة، تؤكدها دائماً أصوات المسيرات الإسرائيلية المزعجة والمخيفة، التي تحلق في سماء البلاد باستمرار رغم وقف إطلاق النار.

وأوضحت الكاتبة أنه منذ سبتمبر/أيلول الماضي، أصبح ضجيج هذه المسيرات أمراً غير مرغوب فيه، وهو صوت مُميز، يُشبه أزيز جزازة عشب عملاقة، ويشعر الجميع بالقلق، بل ويثير هذا الصوت الخوف والذعر، ويجعل الجميع في حالة استعداد “لا شعوري” لغارة جوية، وهو ما يعني أن هذه المسيرات أصبحت سلاحاً قوياً في الحرب النفسية ضد اللبنانيين.

وبحسب الكاتب، تستخدم إسرائيل هذه المسيرات لعدة أسباب، فمهمتها الأولى جمع المعلومات الاستخباراتية، كما يمكنها أيضاً محو الاتصالات الرقمية وبيانات الرادار، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والرسائل، بالإضافة إلى تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

لكن الاستخدام الأهم – وفقاً للكاتبة – هو “القتل أسبوعياً”، وهو ما يعني أنها تثير الذعر في نفوس السكان المثقلين بعقود من الحرب.

وتوضح راية أن استخدام المسيرات اقتصر في البداية على المناطق الحدودية في جنوب لبنان، لكن الآن أصبحت تنتهك العاصمة بيروت بشكل دائم، حتى بعد تطبيق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، إذ إنها موجودة في الأجواء بشكل مستمر.

وأجمع أطباء نفسيون في لبنان بحسب الكاتبة – على أن المسيرات الإسرائيلية أصبحت “جزءاً من مخاوف مرضاهم، مما أدى إلى زيادة مستويات القلق والانفعال والاكتئاب”.

إذ قال أحدهم: “لا يمكنك التقليل من شأن التأثير العميق لهذه الطائرات المسيرة على مرضاي. الحياة في لبنان مرهقة بسبب أزماتنا المستمرة، هذا الضجيج الجهنمي يجعل كل شيء أسوأ”.

وتصف الكاتبة شعورها خلال أول مرة سمعت فيها صوت طائرة مسيرة في بيروت بعد وقف إطلاق النار، حين أحسّت بـ”العجز”، وقالت إن اللبنانيين يواجهون هذا العجز بإطلاق ألقاب على الطائرات دون طيار، كنوع من المزاح والسخرية من كونهم تحت المراقبة.

وتشير إلى أن آخرين سعوا إلى إعادة تكوين هذا الصوت، إذ جمع فنان، ساعات من صوت الطائرات بدون طيار وأعاد تحويلها إلى “موسيقى مزعجة”.

وتختتم الكاتبة المقال بالتأكيد على أن الأمر يستغرق “وقتاً أطول للتخلص من شعور العجز”.

حق المتظاهرين في إخفاء الوجوه

تناولت الغارديان البريطانية الاحتجاجات الدائرة في الولايات المتحدة، إذ تساءل البروفيسور في العلوم السياسية يان فيرنر مولر في مقال نشرته الصحيفة، عن أحقية المحتجين في إخفاء وجوههم وارتداء أقنعة الوجه، وهو ما يراه حقاً لمواجهة “معايير ترامب المزدوجة”.

وقال الكاتب إن ترامب لا يعترف بأحقية المحتجين في إخفاء الوجه، وطالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي باعتقال أي شخص يرتدي كمامة فوراً، وهو ما يكشف ازدواجية المعايير في هذه الاحتجاجات.

فعناصر الأمن وجهاز الهجرة والجمارك، يرتدون أقنعة ويخفون بطاقات أسمائهم، وهو ما يعني التهرّب من أي مساءلة قانونية، في حين يُمنع المواطنون من هذا الحق، مع العلم أن إخفاء الوجه يعتبر نوعاً من العصيان المدني على حد تعبيره.

ويوضح الكاتب أن الاحتجاج القانوني يختلف جذرياً عن العصيان المدني، على الرغم من أن الكثير من التعليقات الحالية تخلط بينهما، مضيفاً أنه في العصيان المدني، يخرق المواطنون القانون علناً، فيُعرّفون أنفسهم للسلطات، ويكونون على استعداد لقبول العقاب (لكنهم لا يريدون المعاملة كمجرمين).

وهذا العصيان يحقق عدة أهداف، ويُظهر جدية أخلاقية، وأعلى درجات الاحترام للقانون بشكل عام، بحسب وصف الكاتب.

ويضيف: “لكن قادة وفلاسفة العصيان المدني لا يقبلون بشرط الكشف عن الهوية، ويرون أننا لا نعيش في عصر ثلاث شبكات تلفزيونية كبيرة، التي – ورغم إخفاقاتها المختلفة – كان من المتوقع أن تنقل بأمانة صوراً لمتظاهري الحقوق المدنية وهم يتعرضون لـ”معاملة وحشية” من جانب شرطة الجنوب على حد وصفه.

ويرى الكاتب أن المشهد الإعلامي الحالي “مشوه بشدة” ويعاني “اختلالاً وظيفياً”، إذ إن رسائل الاحتجاجات إما أنها لا تُنقل على الإطلاق أو تُعاد صياغتها بحيث تشوه الرسالة الأصلية ويصبح المحتجون السلميون هم من ينتهكون القانون.

ويعتبر الكاتب أنه في ظل هذه الظروف، يُعد إخفاء الهوية إجراءً احترازياً مفهوماً، ولا ينبغي تجريم هذا الحذر، ففي عصر المراقبة الشاملة المعززة بتقنية التعرف على الوجه، لا يمكن التنبؤ بكيفية استغلال دليل مهم مثل التواجد في مكان الاحتجاج.

مخاوف جيل زد

Getty Images
تطور الذكاء الاصطناعي وأجهزة الروبوت يثير قلق جيل زد من إمكانية الحصول على وظائف مناسبة مستقبلاً

في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نقرأ مقالاً حول مخاوف جيل زد من المستقبل، بعنوان “لا منزل، لا تقاعد، لا أطفال: كيف يرى جيل زد مستقبلهم”، للكاتبة جيسيكا غروس.

ورصدت الكاتبة معاناة شابة تدعى إليزابيث، 27 عاماً تعمل معلمة، حيث اضطرت لترك تخصصها في تدريس التاريخ والدراسات الاجتماعية للمرحلتين الإعدادية والثانوية، لتعمل في وظيفة بديلة براتب سنوي 32,000 دولار.

تقول إليزابيث – بحسب الكاتبة – إنها تحلم بتسديد ديونها والنجاة من التشرد، والحصول على تأمين جيد والزواج وإنجاب الأطفال، وهو ما يبدو مستحيلاً حالياً.

قلق إليزابيث هذا أصبح منتشراً بين جيل زد، بحسب الكاتبة التي قالت إنها قرأت حوالي 200 ردّ من القراء على رسالتها الموجهة لأفراد هذا الجيل حول آرائهم بشأن مستقبلهم.

وأوضحت الكاتبة أن العديد من أبناء هذا الجيل لا يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق أحلامهم (الزواج، شراء منزل، إنجاب أطفال)، كما لا يعتقد أي منهم تقريباً أنه سيكون أفضل حالاً من آبائهم، ولن يستطيعوا التخلص من الفقر الممتد عبر الأجيال.

وتوضح الكاتبة أن الشباب لطالما شعروا بالقلق بشأن المستقبل وعدم القدرة على تحقيق الاستقرار، لكن في الوقت الحالي هناك عوامل مثيرة تجعل اللحظة الراهنة صعبة جداً بل وتبعث على التشاؤم، خاصة بالنسبة لمن يبدؤون حياتهم الآن.

وأشارت الكاتبة إلى أن مخاوف الشباب اليوم، أصبحت تتمحور حول تكاليف السكن الباهظة نسبياً، بالإضافة إلى المخاطر التي يحملها سوق العمل للمبتدئين، وحتى لخريجي الجامعات، بالإضافة إلى التطورات السريعة في قدرات الذكاء الاصطناعي.