لجان “ذوي الاحتياجات الخاصة”: انضباط وتفوق في اختبارات نهاية العام

لجان “ذوي الاحتياجات الخاصة”: انضباط وتفوق في اختبارات نهاية العام

رصدت «الإمارات اليوم» في جولة ميدانية داخل عدد من لجان امتحانات نهاية العام الأكاديمي 2024-2025، حضوراً متميّزاً ومُلهماً للطلبة من أصحاب الهمم، ويؤكد أن التميّز ليس حكراً على أحد، بل هو ثمرة عزيمة تُروى بالجهد، وتُثمر بالتشجيع والرعاية.

فيما أكد مختصون أن امتحانات أصحاب الهمم تخضع لمنهجية دقيقة تتكامل فيها الجوانب الأكاديمية مع الاحتياجات الخاصة لكل حالة.

وقالت مستشارة الدمج لأصحاب الهمم، نور رفيق أبوسنينة، لـ«الإمارات اليوم»: «يتم إعداد الامتحانات وفقاً لخطة (التكييف التربوي)، التي تتضمن تيسير الأسئلة من دون الإخلال بالمحتوى العلمي، مع إتاحة وقت إضافي، وتوفير مرافقين للقراءة أو الكتابة حسب الحاجة، وتهيئة بيئة هادئة خالية من المُشتتات»، لافتة إلى أن  امتحانات أصحاب الهمم تخضع لمنهجية دقيقة تتكامل فيها الجوانب الأكاديمية مع الاحتياجات الخاصة لكل حالة.

مواءمات مدروسة

وأضافت: «تحرص وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع هيئة تنمية المجتمع، على توفير مواءمات فردية مدروسة للطلبة أصحاب الهمم خلال فترات التقييم، بما يضمن بيئة تعليمية عادلة وشاملة تراعي احتياجاتهم الخاصة، وتشمل هذه المواءمات جوانب رئيسة، منها المواءمات الزمنية التي تتيح للطلبة وقتاً إضافياً لأداء الاختبارات، أو تقسيم الاختبار إلى فترات متقطعة لتقليل الإجهاد الذهني والبدني».

وأفادت بأن المواءمات المكانية، تشمل توفير قاعات هادئة مجهزة، ومقاعد أو أدوات مخصصة، مثل الكراسي المتحركة والطاولات القابلة للتعديل، وتُطبق المواءمات الأكاديمية عبر استخدام وسائل تقييم بديلة، مثل الاختبارات الشفوية أو الإلكترونية أو المصورة، وتوفير نسخ من الاختبارات بخط كبير أو بلغة برايل، والسماح باستخدام الوسائل التقنية المساعدة كالحاسبات والبرامج الصوتية.

صياغة الأسئلة

وقالت نور رفيق أبوسنينة: «في جانب المحتوى، يتم تبسيط صياغة الأسئلة من دون الإخلال بالأهداف التعليمية، مع التركيز على تقييم المهارات الجوهرية وتخفيف الأعباء المعرفية غير الضرورية، ويتم تحديد هذه التعديلات وفق تقييم متخصص لحالة كل طالب من قبل فرق فنية مؤهلة».

وأضافت: «أصحاب الهمم لا يبحثون عن مجاملة، بل عن فرصة متكافئة، وبيئة تحتضن إمكاناتهم ولا تعيقها، ونجاحهم في الامتحانات ليس انعكاساً لقدراتهم وحدها، بل لجهود تشاركية من الأسر والمعلمين والأخصائيين والإدارات الواعية، وفي موسم التقييم يجب أن نتذكر أن كل ورقة يسلّمها طالب من أصحاب الهمم، تحمل فوق السطور قصة كفاح، وتحتها توقيع على معنى جديد للتميّز».

وأكدت أبوسنينة أن هذه الجهود تُجسّد رؤية الإمارات 2031 التي تؤمن بأن «الدمج الحقيقي يبدأ عندما نرى القدرات قبل الإعاقات»، ويمكن الرجوع لمزيد من التفاصيل إلى المرجعيات الوطنية، مثل دليل إجراءات الدمج الصادر عن وزارة التربية والتعليم، والاستراتيجية الوطنية لأصحاب الهمم (2017–2021)، إضافة إلى القانون الاتحادي رقم «29» لسنة 2006 بشأن حقوق أصحاب الهمم في الدولة.

جهد مضاعف

وأفادت معلمة الدمج، شريفة محمد علي، بأن المعلمين يؤدون دوراً محورياً في تأهيل أصحاب الهمم خلال الموسم الامتحاني، فهم لا يكتفون بتدريس المنهج، بل يمتد دورهم ليشمل التوجيه النفسي والتأهيل الأكاديمي والتكييف التربوي الذي يتناسب مع احتياجات كل طالب. وأفادت بأن المعلم يبذل جهداً مضاعفاً في شرح المفاهيم بطرق متنوعة، ومتابعة تقدم الطلبة بشكل فردي، وتحفيزهم على تجاوز الصعوبات بثقة وثبات، كما يعمل بتنسيق دقيق مع فرق التربية الخاصة والأسر، لضمان أن تكون الامتحانات أداة قياس عادلة، وليس حاجزاً يحول دون إبراز قدرات الطالب.

وأضافت: «في القاعات، يتحول المعلم إلى عين راعية، تتابع وتطمئن وتقدّم المساعدة عند الحاجة، بروح مهنية عالية، وإيمان راسخ بأن التمكين يبدأ من الفصل، وأن الكلمة الطيبة والابتسامة الداعمة قد تكون مفتاحاً لتفوق لا يُنسى».

حلقة وصل

وقالت أخصائية التربية الخاصة هالة محمود: «يتولى الأخصائيون النفسيون والتربويون التنسيق بين المدرسة والأسرة، وتقديم الدعم المعنوي والفني للطلبة أثناء فترة الامتحانات، ونعمل مع الطالب على تعزيز ثقته بنفسه، وتجاوز القلق، وننسّق مع الفريق المدرسي لتوفير البيئة المناسبة، وأحياناً يكون نصف النجاح نابعاً من شعور الطالب أنه ليس وحده».

محطات دعم

من جانبها، قالت والدة طالب من فئة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ميساء علي: «تؤدي الأسر دوراً جوهرياً في استعداد أصحاب الهمم للامتحانات، إذ يمثّل البيت نقطة التوازن النفسي والتربوي في آن معاً».

وأضافت: «نبدأ المراجعة مبكراً، ونستخدم الوسائل البصرية والمجسمات، ونحرص على تنظيم وقت النوم والتغذية، لكن الأهم أننا نحيط ابننا بالطمأنينة، فلا نربطه بالدرجات، بل بالمحاولة، إذ يُشكّل الوعي الأسري ركيزة في نجاح الطالب، ويمنحه ثقة تُمكنه من مواجهة الورقة الامتحانية بتركيز وهدوء».