وجدان عبيد تطرح سؤالاً: ماذا لو كنت مكان إسماعيل؟

ماذا لو كنت إسماعيل
كتبته : وجدان عبيد
الباحثة في علم النفس والدراسات الإسلامية والانثروبولوجيا
أصبح الأبناء الآن يرون أنهم أكثر دراية وعلم ومعرفة من ابائهم، وخاصة في عصر التكنولوجيا والتي يجهلها الآباء كثيرا ويتفوق فيها الأبناء بمراحل عدة، وأصبحوا يرون أنهم ليس عليهم السمع والطاعة للاباء كما كان في سابق العصور والتي كان للاباء خبرة ودراية أكثر من أبنائهم كما يعتقدون ء، ولا يعلمون أن من نعم الله على الإنسان أن يسخر له والديه ليقوموا بتربيته وتعليمه في الصغر ، فهم لديهم الخبرة والمعرفة ما لم يعلمه هو مهما بلغت درجة تعليمه وتفوقه العلمي والتكنولوجي.
تمر علينا مواقف كثيرة في حياتنا منها اليسير ومنها الصعب وقد يحدث أمور بين الاباء والابناء تستوجب طاعتهم دون نقاش وذلك لأن الآباء يسعون إلى راحة أبنائهم والوصول بهم إلى بر الأمان، ولنا في أنبياء الله قدوة حسنة، فها هي مواقف حدثت بين نبي الله إسماعيل مع أبيه أبو الأنبياء إبراهيم عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام .
الموقف الأول :
ففي بداية الأمر شب إسماعيل ليجد نفسه مع أمه وحدهما في صحراء مكة بعد أن تركه ابوه وسافر بعيدا عنه لتقوم أمه السيدة هاجر بتربيته وحدها دون وجود زوجها، فماذا لو كنت مكان اسماعيل ؟ هل كنت تتذمر من والدك لأنه تركك وحدك دون رعاية أو اهتمام منه؟، هل كنت تدرك أن أوامر الله سبحانه وتعالى لابد تنفذ دون ضجر، أو تذمر، أو لوم الآخرين، فكذلك فعل إسماعيل لأنه تربى على طاعة الله سبحانه وتعالى وتقبل قضائه وقدره دون جدال.
والموقف الثاني:
هي قصة الذبح والفداء….. لم يتردد نبي الله إسماعيل ووافق دون نقاش عندما قص عليه أبيه إبراهيم عليه السلام أنه رأى أنه يذبحه في المنام ، وقال على الفور دون تردد
” يا أبت افعل ما تؤمر” ، فهل توافق وتطيع أبيك في أي أمر من أمور الدنيا مهما صعب عليك تنفيذه فقط لأن طاعة اباك واجبة، وأن الله أمرك بهذا ما لم يأمرك بمعصية.
والأمر الثالث :
عندما شب إسماعيل عليه السلام تزوج من العماليق امرأة، وإن أباه جاء بعد فترة من الزمن أمره بفراقها ففارقها، ثم تزوج غيرها وجاء أبوه بعد فترة من الزمن أيضاً فأمره أن يستمر به بها فاستمر .
هذا كان رد فعل إسماعيل عليه السلام دون نقاش أو جدال… الطاعة لأب لم يرى ولده الا كل عدة سنوات، أما أنت فماذا كنت فاعلا ؟هل كنت ستطيع الأمر دون جدال؟ فنحن نرى الآن ابناء لا يستشيرون ابائهم في اختيار زوجاتهم، وقد يقدمون على الزواج من فتاة رغم رفض أبوه وأهله بحجة أنه يحبها وهو الذي يعرفها حق المعرفة ، ويغفل تماما خبرة الآباء في معرفة معادن الناس وأنهم أحق وأجدر بالطاعة وخاصة في الأمور المصيرية والتي تحتاج ذوي الخبرة بالحياة ومصاعبها.
فالله سبحانه وتعالى قد فرض علينا طاعة الآباء طاعة تامة إلا أن يأمروا بمعصية الله لا قدر الله، وهذه هي الحالة الوحيدة لعدم طاعتهم، ولكن مع ذلك أمر الله بمعاملتهم برفق ولين ومعاملة طيبة.
وكما قال الله تعالى في كتابه الكريم :
«وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» (الإسراء).
وقوله جل وعلا: “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (العنكبوت).
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). (لقمان)