تصنيف الاتحاد الأوروبي يشدد على دعم الجزائر للانفصال والإرهاب في المنطقة

أعلن الاتحاد الأوروبي عن إدراج دولة الجزائر ضمن قائمته الجديدة للبلدان عالية المخاطر التي تُظهر نواقص إستراتيجية في أنظمتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب دول أخرى كناميبيا وفنزويلا ولبنان وأنغولا، فيما تم شطب دول أخرى من هذه القائمة، على رأسها الإمارات والسنغال، حسب ما أفاد به بيان للمفوضية الأوروبية.
وذكرت المفوضية الأوروبية أن التحديث الذي طال هذه القائمة تم بناءً على تقارير وأعمال مجموعة العمل المالي (FATF)، ولاسيما قائمتها الخاصة بـ”الولايات القضائية الخاضعة للمراقبة المعززة”، ما اعتبره مهتمون إشارة سياسية وأمنية مشحونة بالدلالات، إذ يُعد هذا التصنيف الأوروبي الجديد بمثابة إقرار بمصداقية التحذيرات التي طالما أطلقتها دول الجوار المتضررة من السياسات الجزائرية التخريبية في المنطقة، من ضمنها المغرب ومالي، بشأن دعم الجزائر للجماعات الانفصالية والإرهابية في الساحل والصحراء، وتمويل الأنشطة المقوِّضة لأمن وسيادة دول الجوار الجزائري.
في هذا الصدد قال عبد السلام مايغا، ناشط إعلامي وسياسي مالي، إن “إدراج الاتحاد الأوروبي الجزائر ضمن قائمة الدول عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب يحمل دلالات أمنية وسياسية بالغة الأهمية، تتجاوز البُعد المالي المحض؛ فعلى المستوى الأمني يُعد هذا التصنيف بمثابة اعتراف دولي رسمي بتنامي الشبهات حول وجود شبكات معقدة داخل المنظومة الجزائرية، سواء على مستوى بعض المؤسسات أو من خلال واجهات تجارية ومالية، يُشتبه في توظيفها كقنوات لتمويل جماعات مسلحة تنشط في مناطق التوتر الإقليمي، وفي مقدمتها منطقة الساحل والصحراء”.
وعلى المستوى السياسي يؤكد الناشط الإعلامي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا التصنيف يشكل صفعة دبلوماسية للنظام الجزائري الذي لطالما سعى إلى تقديم نفسه كوسيط محايد في أزمات المنطقة، في حين تتزايد المؤشرات على تورطه غير المباشر في تغذية حالة عدم الاستقرار، عبر دعمه جماعات انفصالية ومتطرفة كجبهة البوليساريو، التي أصبحت، حسب تقارير أمنية، جسراً لمرور الأموال والسلاح إلى التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود”.
وتابع مايغا بأن “ما يجري اليوم يؤكد بصورة واضحة صحة المخاوف التي عبّر عنها مراراً جيران الجزائر، وفي مقدمتهم المغرب ومالي ودول الساحل، من السياسات المزدوجة التي يتبعها النظام الجزائري، إذ يتم في العلن الترويج لخطاب الوساطة والحوار بينما تُمارَس في الخفاء سياسات تدعم مجموعات تُقوِّض الأمن الإقليمي”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “هذا التصنيف الأوروبي لا يأتي من فراغ، بل هو نتاج تراكمات من التقارير الاستخباراتية والأممية التي رصدت نشاطات مشبوهة في محيط الجزائر، ليُشكِّل بذلك إنذاراً شديد اللهجة من المجتمع الدولي بضرورة تصحيح هذا المسار الذي يهدد أمن شمال إفريقيا والساحل برمّته”.
من جهته قال محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، إن “إدراج الاتحاد الأوروبي الجزائر على قائمته ‘عالية المخاطر’ في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يشير إلى تحول في موقف بروكسل تجاه الجزائر، مبني على تقارير موثوقة من مجموعة العمل المالي (GAFI)، بحيث بيَّنت وجود ثغرات هيكلية في النظام المالي الجزائري، وعدم قدرة مؤسساته على ضمان الشفافية ومنع استغلالها من طرف شبكات الجريمة المنظمة والجماعات المتطرفة”.
وأضاف عطيف في تصريح لهسبريس أن “القرار الأوروبي يعكس أيضاً تصاعد الشكوك الدولية بشأن أدوار الجزائر في زعزعة الاستقرار الإقليمي، خاصة في منطقة الساحل والصحراء، حيث تزايدت الاتهامات حول دعمها حركات انفصالية وتنظيمات مسلحة تحت ذرائع سياسية أو أيديولوجية؛ وهو ما ينسجم مع تحذيرات متكررة من دول عديدة، أبرزها المغرب، حول الدور الجزائري المشبوه في تغذية بؤر التوتر بالمنطقة”.
وتابع الأستاذ الجامعي ذاته بأن “هذا التصنيف لا يقتصر على عواقب مالية فقط، بل يحمل أيضاً تبِعات دبلوماسية وأمنية، إذ سيُخضع المعاملات مع الجزائر لرقابة مشددة، ويضع مؤسساتها تحت مجهر دولي دائم؛ وفضلاً عن ذلك سيُضعف من قدرتها على التفاوض في ملفات إقليمية، وسيُقوِّض مصداقيتها كشريك في جهود مكافحة الإرهاب”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “هذا التطور يؤكد بشكل جلي صحة المخاوف التي طالما عبّرت عنها الرباط بشأن استغلال الجزائر المال والدبلوماسية لدعم أجندات انفصالية، ويعزز مطلب مراجعة العلاقات الأوروبية – المغاربية على أساس الشفافية والمسؤولية الأمنية المشتركة، بعيداً عن منطق التجاهل والمحاباة السياسية”.