مجموعات توثيقية لـ “حوارات حميد برادة”

مجموعات توثيقية لـ “حوارات حميد برادة”

في أزيد من سبعمائة صفحة صدر الجزء الأول من مختارات حوارات الصحافي المغربي حميد برادة مع شخصيات سياسية وثقافية وإعلامية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: الملك الحسن الثاني، عبد الله العروي، عبد الرحمان اليوسفي، جرمان عياش، أحمد بن بلة، حسين أيت أحمد، راشد الغنوشي، ليوبولد سيدار سنغور، جون لاكوتير، الفقيه البصري، إيريك لورون، أحمد رضا اكديرة، امحمد بوستة، بوعلام صنصال، ومحمد حربي.

ونشرت المختارات بأصل كتابتها باللغة الفرنسية عن “إصدارات كيلت” بدعم من “مجلس الجالية المغربية بالخارج”، وتضمّ حوارات نشرها برادة عبر صفحات “جون أفريك” بين سنوات 1977 و2012. ومن المرتقب أن يضمّ الجزء الثاني حوارات حميد برادة التي بثّتها القناة الرسمية المغربية الثانية، ضمن برنامجه “Mais encore?”، بين سنوات 2007 و2018.

وتؤرّخ هذه “المختارات”، المعنونة بـ”حميد برادة: أنطولوجيا الحوارات”، لجزء من تاريخ الصحافة المغربية، وتقدّم إضاءات حول ذاكرات السياسة والفكر والتاريخ في المغرب، والمغاربِ، وجنوب الصحراء الإفريقية، وأوروبا، على لسان أعلام في السياسة والإعلام والثقافة والتحليل.

ومن بين الحوارات الفريدة التي يضمّها الكتاب، خاصّة من الجانب الرمزي، حوار مع الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1985، انتُخبَ له عنوان “مأساة المغرب، أنه لم يكن موضع احتلال واحد، بل اثنين: الإسبان والفرنسيون”، وهو أول حوار للملك المغربي مع صحافيّ مغربي، وآخر حوار كذلك، وكان موضوعه قضية الصحراء، ويتقدّمه وصف لجو القصر الذي استقبل فريق الحوار، والعاملين فيه، وملاحظات حول مسؤول بروتوكوله والمستشار أحمد رضا اكديره، وحول جانب من شخصية الحسن الثاني.

حميد برادة، الذي كان محكوما بالإعدام مع المهدي بن بركة بسبب موقف عبّر عنه إبان “حرب الرمال” سنة 1963، لما كان رئيسا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عوّض المعارضَ اليساري المُغتال بباريس في “مؤتمر القارات الثلاث”، وقال إنه “ناضل كطالب”، ثم التزم بالصحافة، ولم يمارس إلّاها، ولم يعد له نشاط سياسي، ما مكّنه “من الحديث بحرية، دون قيود، بما في فيها قيود النضال”.

وتعرّف الأنطولوجيا حميداً برادة بأنه “ولد يوم 3 دجنبر 1939 بطنجة، لعائلة وطنية لاجئة من فاس، وهو صحافي ومثقف مغربي”، كما تحدّثت عن مساره السياسي الذي قاده للمنفى بالجزائر ثم فرنسا، قبل السماح له بالعودة للمغرب سنة 1978، ومساره الذي كان فيه صحافيا، مكوَّنا في الفلسفة وعلم الاجتماع السياسي، وأستاذا درّس بالجامعة حتى تقاعده.

ويقول تقديم “أنطولوجيا حميد برادة” إنها ليست شهادة فقط، بل هي أيضا “تكريم لهذا المحاوِر غيرِ ذي مثيل (…) الذي تعدّ المحاورة لديه فنا”، وهذا العمل توثيقُ ذاكرة أعلام “طبعوا حقبتهم”، بل وشكّلوها، سواء في الحكم أو المعارضة أو التحليل، وتوثيق أيضا لـ”أسلوب” في نسج السؤال وطرحه وبناء الحوار “يوجد دون شكّ، هو أسلوب حميد برادة”.