أصحاب المخابز يعرضون صحة المستهلكين المغاربة للخطر من خلال إضافة السكر إلى الخبز.

أصحاب المخابز يعرضون صحة المستهلكين المغاربة للخطر من خلال إضافة السكر إلى الخبز.

نبهت فعاليات مغربية إلى استمرار مخابز مغربية في إضافة السكر المحبب المعروف بـ”سنيدة” إلى مادة الخبز بلا إشعار مسبق للمستهلك، محذرةً من “المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذا الأمر، خاصة مع ارتفاع معدلات الإصابة بداء السكري وأمراض القلب”؛ كما أكدت أن “إخفاء مثل هذه المكونات قد يعرض فئات واسعة من المواطنين، ولاسيما المرضى والأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية خاصة، لمخاطر جمّة”.

جريدة هسبريس عاينت قيام مجموعة من الأفران في مدينة الريصاني بإضافة “السم الأبيض” بكميات تبدو “كبيرة” إلى الخبز. لكن المهنيين الذين استفسرتهم الجريدة عن الموضوع دافعوا عنه باعتباره “حلًا يحافظ على احمرار الخبز ومرونته وليونته”، وأوضح أحدهم أن “المادة تُستعمل منذ سنوات، فيما المستهلكون على بينة من ذلك، ويشترون هذا الخبز لأنه بدون سكر يغدو جافًا يابسًا بمجرد خروجه من الفرن”.

ضرورة التحرك

بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، قال إن “استمرار إضافة السكر إلى الخبز دون إشعار المستهلك يُعدّ ممارسة غير مقبولة”، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع لداء السكري والتوجه المتزايد نحو الأنظمة الغذائية الصحية، ذاكرًا أن “الجامعة سبق أن أعدّت تقريرًا مفصّلًا حول الموضوع منذ سنوات، لكن المشكلة مازالت مستمرة بشكل يستدعي التدخل”.

وأضاف الخراطي، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “الخبزة الواحدة تتضمن أزيد من 3 غرامات من السكر”، وهو ما قد يبدو بسيطًا من الناحية الكمية، لكنه “ليس كذلك بالنسبة لمرضى السكري أو للأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية صارمة”.

وأشار تقرير للهيئة نفسها إلى أن المادة تُستعمل تعويضًا لمادة “غلوكوز الذرة” التي يتم العدول عنها لثمنها المرتفع. وقال المتحدث: “توضع ‘سنيدة’ لمنح الخبز لونًا بنيًا يوهم بأنه مطهيٌّ بشكل جيد”.

وأشار الفاعل في مجال حماية المستهلك إلى أن “هذا النوع من الخبز غالبًا لا يُطهَى جيدًا، ويكون محمرًّا فقط؛ كما يحمل ضررًا جسيمًا للجهاز الهضمي ويخلق إشكالات على مستوى الهضم”، وتابع: “من غير المعقول ألا يتم إخطار المستهلك المغربي بمكونات مادة أساسية مثل الخبز، خصوصًا إذا كانت تتضمن مضافات كالسُّكر وتُدرج دون وسم واضح ولا إشعار مسبق”.

وإزاء ما وُصف مرارًا بكونه “استهتارًا بصحة المواطنين” قال المصرح نفسه: “سنصدر بلاغًا في هذا الصدد لتحميل المخابز والأفران كامل المسؤولية” القانونية والأخلاقية عن تعريض فئات واسعة من المستهلكين، وعلى رأسهم مرضى السكري، لمخاطر صحية جسيمة، وزاد: “الاستمرار في هذه الممارسات سيُقابل بتحركات ميدانية دفاعًا عن حق المستهلك في غذاء آمن وشفاف”.

مخابز عشوائية

الحسين الزاز، الرئيس المنتدب للجامعة الوطنية للمخابز والحلويات، قال إن “المخابز المؤهَّلة لم تعد تستعمل السكر في صناعة الخبز”، مؤكدًا أن “هذا السلوك لم يعد قائمًا إلا في بعض المخابز العشوائية التي لا تحترم المعايير المهنية والصحية، لأن التحسّن المستمر على مستوى الدقيق فسح المجال أمام التخلي عن ‘سنيدة’، في إطار حرص المهنيين على صحة المواطنين ومواكبة التوجهات الغذائية الحديثة”.

وأضاف الزاز أن “التخلي عن السكر لم يعد مسألة اختيارية داخل القطاع المنظَّم، بل أصبح واقعًا مهنيًّا تُجمع عليه المخابز المنظمة”، موضحًا أن “التطور الكبير في جودة الدقيق وظروف الإنتاج جعل من غير المبرَّر الاستمرار في إضافة السكر، كما كان يحدث في فترات سابقة فرضت ظروفها التقنية ذلك”، وزاد: “يعكس التحول وعيًا متناميًا لدى المهنيين بأهمية مواكبة التوصيات الغذائية الحديثة”.

ولدى سؤاله بخصوص من يثبت أن المخابز التي يسميها “مؤهَّلة” لا تستعمل هذه المادة ردّ المتحدث بأن “المراقبة الذاتية والتحسيس داخل الجامعة يسبقان أي تدخل خارجي”، وتابع: “لا ننتظر جهات لتراقبنا، بل نعتبر أنفسنا مسؤولين أولًا، وعلينا أن نكون قدوة للآخرين”، مشيرًا إلى أن “المهنة تتوفر على معهد ومنظومة تكوين مستمر وآليات دعم مهني تجعل من احترام المعايير مسألة مبدئية”.

كما أكّد المهني ذاته أن “التوجيهات متواصلة بالنسبة لأي مخبزة تستعمل السكر من أجل تقليص الكميات تدريجيًّا إلى أن يتم الطلاق معه بالكامل”، وأورد أن “الجامعة تحمّل المسؤولية المهنية لأي فاعل لا يلتزم بهذه التوجهات”، معتبرًا أن “الغالبية الساحقة من المهنيين اليوم تسير وفق تصور جماعي واضح، أساسه الجودة، واحترام صحة المستهلك، والانسجام مع التحولات التي يعرفها قطاع الأغذية وطنيًّا ودوليًّا”، وفق قوله.