تطور كرة القدم في المغرب: الأسس والعوامل التي أدت إلى النجاح

دخلت كرة القدم المملكة المغربية منذ ما يزيد عن مائة سنة تقريبا مع فترة الحماية الفرنسية.
وانطلقت المباريات والمنافسات الكروية سنة 1916. ومن المؤرخين والصحفيين الرياضيين من يؤكد أن هذه اللعبة أجريت منذ سنة 1913، منهم الصحفي المخضرم لحسين الحياني.
ويبقى نادي الاتحاد الرياضي المغربي بمدينة الدار البيضاء من أعرق الأندية المغربية وأقدمها. وفي بداية عشرينيات القرن الماضي برز النجم المغربي آنذاك في البطولة الوطنية لكرة القدم “الأب جيكو”. ومن الأسماء الكروية الأخرى التي طبعت تاريخ المستديرة في العالم العربي والإفريقي والعالمي الأسطورة العربي ابن امبارك الملقب بـ”الجوهرة السوداء” في سنوات الأربعينيات.
ومع تأسيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عام 1956 مباشرة بعد نيل المغرب استقلاله، أعطت اللعبة والمنافسة زخما آخر، خاصة بعد انضمامها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، وبعد ذلك تم تشكيل المنتخب المغربي لكرة القدم كبار، وكانت أول مباراة رسمية له ضد المنتخب العراقي في الدورة الرياضية العربية الثانية ببيروت بتاريخ 19 أكتوبر 1957.
ويظل من أهم إنجازاته فوزه بكأس إفريقيا 1976، وبلوغه نصف نهائي مونديال قطر 2022 واحتلاله المركز الرابع عالميا، ليجعل المستقبل الكروي بالمغرب واعدا ومشرقا ومشرفا، وعينه على تحقيق لقب قاري وعالمي في المستقبل القريب بمشيئة الله.
ولا ننسى وصول منتخب السيدات كبار لكرة القدم إلى دور الـ16 في كأس العالم 2023 بأستراليا ونيوزيلاندا.
وما فوز المنتخب المغربي الأولمبي بلقب كأس أمم إفريقيا تحت23 U وحجز مقعد له في أولمبياد باريس 2024 إلا تأكيد لهذه الإنجازات والنجاحات.
ولم يعد الأمر يقتصر على كرة القدم Foot à 11، بل تعدى هذا ليشمل كرة القدم داخل الصالات، حيث حقق المنتخب المغربي لهذه اللعبة، بقيادة المدرب الحكيم السيد هشام الدكيك، خلال السنوات الأخيرة عدة ألقاب: كأس الأمم الإفريقية لكرة الصالات ثلاث مرات متتالية (2016، 2020، 2024)، وبطولة كأس العرب ثلاث مرات (2021، 2022، 2023)، ثم بطولة كأس القارات 2022، لأول مرة في تاريخه، وهو بذلك يحتل المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا، والمرتبة السادسة عالميا في أحدث تصنيف لـ”فيفا” في 4 أبريل 2025.
وفوز المنتخب الوطني المغربي لأقل من U17 بقيادة السيد نبيل باها بكأس أمم إفريقيا 2025 على حساب المنتخب المالي، ثم وصول منتخب المغرب لكرة القدم للشباب تحت 20U إلى نهائي كأس إفريقيا لأمم سنة 2025 بمصر، ليس إلا برهانا على هذا النوع من التطور والازدهار والانتعاش.
وأخيرا وليس آخرا ظفر فريق النهضة البركانية لكرة القدم بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية 2025 أمام مضيفه سيمبا التنزاني.
وتكللت هذه الطفرة غير المسبوقة لكرة القدم المغربية باستضافة المغرب كأس العالم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال.
وبالإضافة إلى ما ذكر سيشارك نادي الوداد الرياضي البيضاوي للمرة الثالثة في تاريخه في كأس العالم للأندية 2025 المقامة حاليا بالولايات المتحدة الأمريكية، وبنظام جديد يضم 32 فريقا من مختلف قارات العالم ومن أفضلها.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة كرة القدم المغربية على المستويين الإفريقي والعالمي.
فمنذ ترؤس السيد فوزي لقجع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بدأ الزرع وبعده حصاد الثمار والنتائج على مستويات عدة. والفضل يعود كذلك إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي أنشئت عام 2009 ، وهي مؤسسة رياضية متخصصة في كرة القدم تدريبا وتعليما وتأهيلا، وتبقى نواة لتحقيق العديد من الإنجازات، وقد خرّجت مواهب كروية من المستوى العالي، وتعد كذلك مشتلا حقيقيا لمختلف الفئات السنية.
وخلال أشغال ورشات عمل نظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم 2023، بمركب محمد السادس لكرة القدم المعمورة، بتعاون مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كشف السيد فوزي لقجع عن ثلاث أسس رئيسية في مجال تطوير كرة القدم هي:
البنيات التحتية: تعتبر ركيزة أساسية لتعميم ممارسة كرة القدم داخل ربوع المملكة.
الإصلاح المؤسساتي: من خلاله تحولت الأندية من جمعيات رياضية إلى شركات رياضية، من خلال تعزيز الحكامة الجيدة.
تكوين الأطر الإدارية والتقنية: لكونها تساهم بشكل كبير في إنجاح برامج تطوير كرة القدم.
وما انخراط الجماعات المحلية في مسلسل تطوير كرة القدم الوطنية إلا دليل قاطع على ما قلناه.
وتوجيه الاستثمارات في منتخبات الفئات العمرية ذكرانا وإناثا، والثقة التي أصبح يتمتع بها الإطار والمدرب الوطني المغربي لتولي تدريب المنتخبات والفرق الوطنية وكذا الفرق والمنتخبات لبلدان أخرى، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: الإطار الوطني وليد الركراكي، جمال السلامي، الحسين عموتة، هشام الدكيك، طارق السكيتيوي، نبيل باها، محمد وهبي، محمد أمين بن هاشم، رشيد الطاوسي…
وتماشيا مع هذا التطور، اتجهت مديرية تكوين المدربين داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى تجويد البرامج التدريبية وتحسين التسيير الإداري والتقني وعملية تطوير المدربين وتكوينهم وتأهيلهم.
كل هذه الإنجازات والنجاحات والألقاب بمختلف الفئات من منتخبات وأندية والمنتخب الوطني المغربي الأول والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل الصالات، ليست وليدة صدفة، بل جاءت نتيجة عمل جاد وجبار، وتنفيذا لخطة إصلاح شاملة، لم يكن أحد يتوقع ذلك ولم يسبق للمغرب ان حقق كل هذه الأرقام وفي زمن قياسي.
The post تطور كرة القدم في المغرب.. أسس ومقومات النجاح appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.