نشاطات تدعو لتعزيز الإنجازات وتجديد القوانين لحماية الأطفال في المغرب

تُخلّد الدول في القارة الإفريقية والعالم ككل، الإثنين الموافق للسادس عشر من شهر يونيو الجاري، “اليوم العالمي للطفل الإفريقي”، الذي أقرّه الاتحاد الإفريقي (منظمة الوحدة الإفريقية سابقا) مطلع تسعينيات القرن الماضي.
ويشكل هذا اليوم مناسبة سنوية للوقوف عند مآل تمتيع الأطفال على مستوى القارة بحقوقهم الأساسية، سواء تعلّق الأمر بالتعليم أو الصحة أو الأمن ضد العنف، وأيضا مدى توفر الدول والحكومات المتعاقبة على رؤى تضعهم في صلب سياساتها العمومية.
ولا يتخلف المغرب، كبلد إفريقي، عن رَكْبِ مُخلّدي هذا اليوم العالمي الذي يستحضر وضعية “الطفل الإفريقي”، في سياق تنامي الحديث الجمعوي والسياسي بالمملكة عن التدابير الكفيلة بضمان الحماية اللازمة لهذه الفئة، اعتبارا لخصوصيتها الاجتماعية والقانونية.
بهذه المناسبة سجّل نشطاء جمعويون في مجال حماية الطفولة “تطورا ملحوظا ونوعيا في هذا الجانب خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ حدثت ثورة في الجانب التشريعي الذي يهم الفئة المذكورة، وهو ما ساهم في ربح نقاط إضافية مكّنت من تصدر بعض المؤشرات والتصنيفات”.
وصرّح هؤلاء النشطاء لفائدة جريدة هسبريس بـ”وجود إشكاليات محيطة بهذا الموضوع، من بينها صعوبة تنزيل السياسات على المستوى الترابي، والحاجة إلى تعديل قوانين وتحيينها وإصدار أخرى، ولاسيما في ما يخص التشغيل والعنف بشتى أصنافه”.
ولدى تفاعله مع الموضوع أكّد عبد الله السوسي، رئيس “مؤسسة أمان لحماية الطفولة”، وعضو حركة طفولة المغرب، “تحقيق التقدم في درجات حماية الطفولة بالمغرب خلال السنوات عشر الأخيرة، أي منذ إطلاق السياسية العمومية المندمجة لحماية هذه الفئة سنة 2015”.
وقال السوسي في تصريح للجريدة: “تم تحقيق تقدم في بعض جوانب هذه السياسة العمومية التي تضم خمسة محاور، ولاسيما في ما يخص الجانب التشريعي، وذلك أخذا بعين الاعتبار الدينامية التي تشهدها مجموعة من القوانين، بما فيها المسطرة الجنائية ومدونة الأسرة”، متابعا: “واقع الحال بالمملكة يشير كذلك إلى وجود قوانين تحتاج إلى تنزيل جيد، وأخرى إلى إعادة النظر والتكييف، في وقت لا نحتاج إلى إقرار تشريعات وقوانين أخرى لها صلة بحماية الطفولة”.
وأكّد المتحدث ذاته الحاجة إلى “تعديل قانون الكفالة وإخراج مدونة خاصة بحماية الطفولة تكون بمثابة نص جامع لما تفرق في كل القوانين، وذلك بالموازاة مع وجود مشاكل في تطبيق السياسات الخاصة بالطفولة على المستويين الترابي والمحلي، بفعل تعدّد المتدخلين وضعف التنسيق في ما بينهم”.
وتحدث الفاعل المدني ذاته أيضا عن مراكز الإيواء والاستقبال التي قال إنها “تعاني من ناحية سلّة الخدمات، ولاسيما بالنسبة للأطفال ضحايا العنف، إذ لم تكتمل لدينا بعدُ هذه السلّة”، مشيرا إلى “وجود تحديات لها علاقة بثقافة المجتمع وتعامله مع فئة الأطفال، على اعتبار أن هذه الأخيرة هشة، ولاسيما في ما يخص الحوار معها واستشارتها بخصوص حاجياتها”.
من جهته لاحظ إدريس بورزيق، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الآباء والأبناء، “تحوًّلا نوعيا في هذا المجال مقارنة مع ما كان عليه الحال في وقت سابق”، مسجّلا رغم ذلك “عدم الوصول إلى مستوى تموقع الأطفال في صلب السياسات العمومية التي تسنّها الحكومات المتعاقبة”.
والدليل على ذلك، وفق إفادة بورزيق لهسبريس، هي وجود “أطفال شوراع وآخرين معنفين وآخرين محرومين من آبائهم، في حين لا يصل التّدخل إلى مستوى الحساسية والخصوصية التي تتوفر عليها هذه الفئة”.
وأوضح المتحدث أن “المغرب اتخذ مجموعة من الخطوات الإيجابية في ما يخص ضمان حق الطفل في التعليم والصحة، من خلال محاولة توفير العناصر الأساسية الكفيلة بذلك، وهو ربما ما ساهم في تحقيق نتائج إيجابية في الترتيبات القارية على الأقل”.
في السياق نفسه صرّح رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الآباء والأبناء بـ”وجود تحديات أكيدة في مجال حماية الأطفال من أخطار العنف بشتى أنواعه، ولاسيما التحرش والاغتصاب، مادام أن إثبات مثل هذه الوقائع يكون في العادة صعبا”.
وتؤكد هذا الواقع، وفق المتحدث، “الحاجة إلى التشدد في التشريعات التي يتم سنّها في هذا الإطار، فضلا عن تكييفها مع الواقع الجديد الذي يشير إلى أخطار تُحدِق بالفئة العمرية الصغرى، تنطلق من الفضاء الرقمي، مُهدّدة إيّاها ببعض الأفكار ذات الطابع المتطرّف”.