موسم الهجرة إلى الشمال: الصيف يشعل محركات قوارب المخاطر

موسم الهجرة إلى الشمال: الصيف يشعل محركات قوارب المخاطر

مع حلول فصل الصيف، يتجدد النقاش بين الشباب الحالمين بالهجرة السرية نحو أوروبا؛ إذ يمثل الفصل مناسبة لتنامي العمليات ونشاط الشبكات العاملة في المجال مستفيدة من تحسن الظروف الجوية والمناخية بالبحر الأبيض المتوسط وسواحل المحيط الأطلسي القريبة من الشمال.

في مدن وقرى أقاليم الشمال لا تكاد تجد عائلة أو حيا يخلو من مهاجرين يعودون إلى البلاد كل عطلة، مجددين فتح باب الأمل والرغبة لدى كثير من الشباب في الهجرة، بالنظر إلى الوضع الذي يرون عليه هؤلاء المهاجرين من دون معرفة تفاصيل معاناة غالبيتهم في ديار المهجر.

وجرت العادة بالنسبة لهؤلاء الشباب وعائلاتهم بالعمل على جمع مبالغ مالية مهمة كل صيف، لدعم أبنائهم في محاولة تجريب ركوب البحر في رحلات محفوفة بالمخاطر، لم تنجح المآسي التي عاشتها العديد من الأسر في ردعهم وثنيهم عن المقامرة بأرواح أبنائهم في مطاردة مستقبل ملغوم.

محمد الكبيري، أب لخمسة شباب بمدينة القصر الكبير، لم ينجح أحدهم في إثبات نفسه وإكمال دراسته من أجل الحصول على عمل ينتشله من واقع البطالة والفراغ الذي يغرق فيه دون إخوته، قال في حديث مع هسبريس: “لم أجد حلا لهذا الولد، بلغ 28 سنة من العمر ومازالت أصرف عليه ويصر على الهجرة خارج الوطن”.

وأضاف الكبيري متحسرا على وضع نجله: “أشفق عليه صراحة، مع حلول الصيف وعودة المهاجرين بسياراتهم وحالتهم الجيدة، يثور الابن ويدخل في حالة غريبة من اليأس”، مؤكدا أن هذا الوضع “يدفعنا كل سنة للبحث عن ‘الحرّاك’ (المهرّب) الذي يمكن أن يخرجه إلى إسبانيا”، غير أن المحاولات السابقة باءت كلها بالفشل.

في تعليقه على الموضوع، يرى خالد مونة، باحث متخصص في الهجرة وقضاياها، أن فترة الصيف تعد مناسبة لزيادة محاولات الهجرة السرية بين المغرب وإسبانيا؛ إذ تكثُ النشاطات المتعلقة بهذه الظاهرة.

وأوضح مونة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن محاولات الهجرة في فصل الصيف تتعدى “الأوساط الطبيعية للهشاشة الاقتصادية التي تعاني منها دول الانطلاق، وتعكس تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية”، مسجلا أن نسبة كبيرة من المهاجرين، خاصة من المغرب، “هم من صغار السن أو لم يصلوا بعد إلى سن الرشد”.

ومن بين العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، ذكر الباحث في قضايا الهجرة أن قصص النجاح “غالبًا ما تغذي روايات المراهقين الذين تمكنوا من عبور البحر الأبيض المتوسط والنجاح في الوصول إلى الضفة المقابلة”، مبرزا أن بعض هؤلاء يتمكنون من العودة إلى الوطن “حاملين معهم أوراق الإقامة، مما يثير طموحات الآخرين”.

وشدد المتحدث ذاته على أن ظاهرة الهجرة السرية تبقى “موسمية في الغالب؛ إذ تتزايد محاولات العبور مع بداية فصل الصيف، وتعود إلى مستوياتها السابقة بعد انتهاء الموسم”، مؤكدا أن هذا المعطى يشير إلى الطبيعة الدورية لهذه التحركات.