تصوير الوطن

تستعد كرة القدم المغربية لموعد استثنائي خلال أيام، حين تنطلق النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، بمشاركة نخبة الأندية العالمية.
وفي قلب هذا الحدث يحمل نادي الوداد الرياضي راية المغرب، في مهمة تتجاوز البعد التنافسي نحو تمثيل صورة الوطن في الخارج، وإعلاء الراية المغربية في واحدة من أكبر المحافل الرياضية. لكن وضعية الفريق قبل انطلاق البطولة تثير القلق والكثير من الضبابية؛ فهل الوداد، في صورته الحالية، يعكس حجم هذا التكليف الوطني؟ أم إن غياب الرؤية والتخطيط حوّل هذا التمثيل إلى عبء رمزي على سمعة الرياضة المغربية؟.
الموسم الأخير لـ”الفريق الأحمر” كان عنوانًا للفوضى والعشوائية. أكثر من عشرين تعاقدًا تمّت بلا ملامح واضحة، ومدرب أُعلن عنه كمشروع مستقبلي – الجنوب إفريقي رولاني موكوينا – غادر قبل أسابيع دون أن يترك أثرًا يُذكر، لا على مستوى الأداء ولا على صعيد التماسك الجماعي. ثم جاءت مرحلة محمد أمين بنهاشم، الذي صرّح بلا مواربة بأن النادي يتوفر على 11 لاعبًا أجنبيًا، تعاقد مع بعضهم قبل أيام فقط من المونديال بعقود شهرية، من أجل تجريبهم خلال البطولة، لاختيار خمسة منهم فقط للموسم المقبل.
خطوة تمس جوهر المسؤولية، وتحوّل المونديال إلى حقل تجارب لا ساحة تمثيل وطني. هذا التعاطي لا ينسف فقط قيمة الحدث، بل يهين رمز القميص. فتمثيل المغرب ليس امتيازًا لحظيًّا، بل عقد شرف بين النادي والوطن. والمونديال ليس مناسبة لتجريب اللاعبين، بل لحظة حضور وطني في واجهة العالم، حيث تُبنى الصورة أو تُخدش.
وفي الخلفية يطلّ مشهد مألوف من الاستعراض الإعلامي، تقوده خرجات رئيس النادي هشام آيت منا، الذي اعتاد تصدير الضجيج، من تسويق صورة المستشار البرازيلي ريفالدو أيام شباب المحمدية إلى الإيحاء بإمكانية التعاقد مع النجم البرتغالي رونالدو مؤخرًا، في وقت يغيب النقاش المؤسساتي والمساءلة الصحافية الجادة.
ورغم هذا التسيب يبقى جمهور الوداد هو من يصحّح البوصلة؛ جمهور واعٍ، لا يفرّط في الولاء لكنه يرفض العبث، يدرك أن تمثيل المغرب ليس شعارًا في مؤتمر صحافي، بل التزام راسخ بقيم الاستمرارية والانضباط؛ جمهور لا ينسى أن قميص الفريق جزء من الذاكرة الجماعية، ومن صورة البلاد في الخارج، وأن أي عبث في تدبيره هو مسٌّ بإنجازات الكرة الوطنية.
كأس العالم للأندية ليست موعدًا استعراضيًا، بل لحظة وطن؛ فإما أن يستفيق الوداد، ويؤدي واجبه كسفير للمغرب، أو يسقط في متاهات تقضم من الرصيد الرمزي لكرة القدم المغربية في المحافل الدولية.