ظهور أساليب جديدة للتسلل يزيد من ضغوط قوات حرس الحدود خلال فصل الصيف.

ظهور أساليب جديدة للتسلل يزيد من ضغوط قوات حرس الحدود خلال فصل الصيف.

شدّد باحثون في قضية الهجرة على أن موسم الاصطياف وبداية احتشاد المواطنين في الشواطئ الشمالية يرفع درجة “الإغراء” أمام المغاربة والأفارقة جنوب الصحراء الباحثين عن “منافذ” لعبور البحر بشكل غير نظامي والوصول إلى ثغر سبتة المحتل أو الضفة الأخرى من المتوسط، مسجلين أن “المحاولات ترتفع. وتتم في ظروف تُحسب بدقة من طرف شبكات تهريب البشر التي تدرس الأوضاع عن كثب وتتطلع لاستغلال وسائل جديدة”.

وأكد الباحثون أن “التحدي الأكبر الذي يواجه السلطات يكمن في التمييز بين الأنشطة السياحية العادية والممارسات التي تخفي خلفها نوايا الهجرة غير الشرعية”، لا سيما أن “الحدود البحرية لم تعد فقط نقاط عبور تقليدية؛ بل تحولت إلى مساحات معقدة تتداخل فيها عناصر إنسانية وأمنية واقتصادية، تتطلب مقاربة شمولية تقوم على اليقظة، وتبادل المعلومات، والتعاون الدولي المستمر بين الضفتين”.

“المحاولات ترتفع”

شكيب الخياري، ناشط حقوقي مختص في قضايا الهجرة، قال إن “ظاهرة الهجرة غير النظامية تشهد نشاطا متزايدا خلال فصل الصيف، لا سيما مع انطلاق موسم الاصطياف وارتفاع الإقبال على الشواطئ”.

وسجل الخياري، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “هذه الفترة تعدّ من أبرز الفترات التي تستغلها شبكات الاتجار بالبشر لتعزيز عمليات العبور غير المشروع نحو الضفة الأوروبية”.

وتابع الناشط الحقوقي المختص في قضايا الهجرة: “تسجل في هذا السياق تحولات نوعية في أساليب التهريب، تتمثل أساسا في اعتماد وسائل نقل جديدة، على رأسها الدراجات المائية السريعة المعروفة بـ”الجيت سكي”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذه الوسيلة صارت “هي المفضلة للهجرة السرية بفضل سرعتها العالية وصعوبة رصدها مقارنة بالقوارب التقليدية أو وسائل النقل البرية مثل الشاحنات”، مبرزا أن المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية المغربية لسنة 2024 تفيد بأنه تم إحباط أكثر من 54 ألف محاولة هجرة غير نظامية على المستوى الوطني خلال الفترة الممتدة من يناير إلى نهاية شتنبر.

وزاد الفاعل الحقوقي: “يبرز من بين هذه الأرقام حجم الظاهرة في بعض النقاط الساخنة، حيث تم تسجيل ما يقارب 11 ألفا و323 محاولة في عمالة المضيق-الفنيدق خلال شهر غشت فقط؛ في حين عرفت منطقة الناظور حوالي 3 آلاف و325 محاولة في الفترة ذاتها”.

وأضاف: “كما تمكنت السلطات المحلية بعمالة المضيق-الفنيدق من توقيف ما يزيد عن 249 مرشحا للهجرة خلال حملات تمشيطية صيفية؛ من بينهم 159 شخصا جرى اعتراضهم في عرض البحر أثناء محاولتهم العبور سباحة، إلى جانب 63 قاصرا”.

وأفاد المتحدث بأن “شبكات الاتجار بالبشر، في ظل هذا السياق المتوتر، تعتمد تكتيكات متطورة تتجاوز الأساليب التقليدية، إذ أصبح استخدام “الجيت سكي” خيارا استراتيجيا لنقل المهاجرين بسرعة نحو السواحل الإسبانية، في ظل ما يعتبر ضعفا نسبيا في آليات المراقبة البحرية عند المقارنة بوسائل التهريب الأخرى”، موردا أن “كلفة تهريب الفرد عبر هذه الوسيلة تتراوح ما بين 30 ألف درهم مغربي و40 ألف درهم مغربي؛ ما يعكس ليس فقط السرعة التي تتيحها هذه الوسيلة، بل أيضا ما توفره من هامش أمان نسبي يجعلها جذابة للمهاجرين رغم التكلفة المرتفعة”.

“الضغط موجود”

قال محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب، إن المهاجرين “يحبذون أيضا فصل الصيف بالنظر إلى التحركات التي تتيحها الظروف المناخية”، معتبرا أن “المهاجر وشبكات الاتجار الدولي بالبشر ترصد طبيعة الجو لتصيد الأيام التي تعرف ضبابا يصعب على السلطات الأمنية مراقبته”.

وتابع بن عيسى، ضمن تصريحه لهسبريس: “عندما تراقب السلطات الأمنية الحدود، فإنها تكون في حالة تأهب، ويرتفع ضغط التنسيق بين البحرية الإسبانية والمغربية خلال هذه الفترة”.

وأشار رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب إلى أن “الشواطئ القريبة من الجار الإسباني، خصوصا في المناطق الشمالية المغربية، تعرف دينامية سياحية تستيقظ معها القوارب والجيت سكي”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “هذه المناطق تتحول إلى نقاط انطلاق، خصوصا أن الشواطئ تكون مكتظة بشكل يصعب معه على السلطات التفريق بين المصطافين والمهاجرين غير النظاميين الذين يستغل بعضهم الوضع لعبور الحدود بطريقة غير قانونية”.

كما أكد الفاعل المدني أن “الكاياك” يعدّ من الوسائل التي تعود إلى الواجهة خلال فصل الصيف؛ نظرا لسهولة استعماله وقدرته على التمويه وسط الأنشطة البحرية الترفيهية، مشددا على أن “العطلة الصيفية ترافقها محاولات بالجملة تزيد من حجم الضغط على الأجهزة الأمنية التي تجد نفسها مطالبة بتكثيف المراقبة دون المساس بالحركية السياحية الطبيعية”.

وأبرز بن عيسى أن “المرونة النسبية التي تطبع تعامل السلطات خلال هذا الموسم، في ظل وجود أعداد كبيرة من المصطافين، تشكل ثغرات تستغلها بعض الشبكات المنظمة التي تبتكر وسائل جديدة للعبور غير النظامي”.