قصة مصورة باللغة الفرنسية تعيد سرد أحداث اختفاء المهدي بن بركة

بعنوان “بن بركة.. الاختفاء”، صدر كتاب مصوّر جديد بأسلوب “الكوميكس” باللغة الفرنسية حول المعارض المغربي الذي اغتيل بفرنسا سنة 1965، بعدما كان من رموز الحركة الوطنية غير المسلّحة المناهضة للاستعمار الأجنبي ومن رموز “نزع الاستعمار” عالميا وأبرز رموز المعارضة المغربية بعد السنوات الأولى من الاستقلال.
الصحافي والكاتب جاك راينال ورسّام القصص المصورة دافيد سيرفيناي أنجزَا هذا التحقيق الصحافي المقدّم إلى القرّاء عبر رسوم بالأبيض والأسود بواسطة دار نشر منشورات فيتيروبوليس، والموزّع في المكتبات المغربية. وأعاد الرجلان رسم قصة اختفاء لا تزال العديد من معالمه محاطة بأسئلة، خيوطها لم يفضّ اشتباكها بعد بين المغرب وفرنسا ومخابرات دول أجنبية أخرى.
والمهدي بنبركة لم يكن فقط معارضا سياسيا مغربيا؛ بل كان من قادة ما سمي آنذاك “العالم الثالث” بتصوّر اشتراكي يروم توحيد القوى الاشتراكية العالمية ضد رأسمالية و”هيمنة” الولايات المتحدة الأمريكية ودولٍ غربيّة، بتنسيق كان حجر زاويته على أعلى مستوى جمعه بقادة الصين والاتحاد السوفياتي ومختلف رموز “العالم الثالث” الأفارقة والعرب والمنحدرين من أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وآسيا أستاذ رياضيات الملك الحسن الثاني، الذي كان من أبرز رموز “حزب الاستقلال” خلال عهد الاستعمار الأجنبي الفرنسيّ الإسبانيّ، كان أحد أبرز الأسماء التي قادت الجناح الاشتراكي خارج الحزب، مؤسّسة “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية”، الذي سيصير أبرز الأحزاب المعارضة لعقود، والذي سيقرأ أحد قادته التاريخيين، المحامي والوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي الذي دافع عن قضيته عقودا في منفاه الاختياري خارج المغرب، رسالة الملك محمد السادس في الذكرى الخمسين لاختفائه التي أحييت بالرباط، والتي من بين ما تقوله: “ورغم أن هذه الذكرى تأتي في وقت لا تزال فيه العديد من التساؤلات مطروحة دون إجابات، فقد حرصنا على مشاركتكم هذا الحدث، دون عقدة أو مركب نقص من هذه القضية، تقديرا لمكانته لدينا ولدى المغاربة. ويجب التذكير هنا بأن مرحلة ما بعد الاستقلال كانت مشحونة بشتى التقلبات والصراعات حول ما كان ينبغي أن يكون عليه مسار المغرب المستقل (…) وكيفما كان الحال، فابن بركة قد دخل التاريخ: ليس هناك تاريخ سيء أو تاريخ جيد، وإنما هناك التاريخ كما هو: ذاكرة شعب بأكمله”.
وتحضر في القصّة المصوّرة الأسماء المعتادة للملف القضائي الذي يستمرّ مفتوحا في فرنسا دون حسم، ويتقدّم المطالب الحقوقية بالمغرب حول “الحقيقة الكاملة”، الجنرال شارل دوغول الذي تسبّب الملف في قطيعته الأخيرة مع الملك الحسن الثاني، الجنرال أوفقير، ومسؤولون عسكريون وأمنيون آخرون. كما تحضر أسماء صارت مهمّة في تحريك الملفّ بعد ذلك بعقود؛ من بينها ابن المهدي بن بركة، والبشير بن بركة، والمحامي الأبرز الذي رافق الملف لأزيد من خمسة عقود موريس بيتان.
وترسم القصّة “اللقاء الأخير” للمهدي بن بركة قرب مقهى “ليب” غير بعيد عن الشارع الذي سيحمل لاحقا اسمه في باريس، وخطّة الاستدراج، وفرضيات الاغتيال أو الاختطاف الذي تحوّل إلى قتل، الذي ظلّ مثار تجاذبات حقوقية وقضائية وإعلامية وسياسية، لا تزال ترخي بظلالها على الكتابات والوثائقيات و”القصص المصوّرة” حول اليوم الأخير من حياة صاحب “الاختيار الثوري”.