دعوات لوضع إطار تنظيمي لعلاقة سائقي التطبيقات بالمواطنين

جفرا نيوز –
دخلت التطبيقات الذكية قطاع النقل العام في الأردن، ما ساهم في تحسين دخل أسر وعائلات كانت تعتمد على دخل محدود، لكن هذا التطور التقني يواجه بعض الإشكاليات في تنظيم العلاقة بين السائق والمواطن، الأمر الذي يتطلب متابعة ورقابة على هذه الخدمة من قبل الجهات المعنية.
يقول أحمد، سائق في أحد تطبيقات النقل الذكي منذ أربع سنوات، إن العمل عبر هذه المنصات يشكل مصدر دخل إضافي مهم إلى جانب وظيفته الأساسية، موضحًا: «انه يعمل في هذا المجال بدوام جزئي. فالتطبيق يساعد في تغطية مصاريف المنزل، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. لكن غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي يجعل المستقبل غير مضمون. نحن بحاجة إلى تنظيم يحفظ حقوقنا دون أن يقيّد حريتنا».
لكن الخدمة تتفاوت من منطقة لأخرى، وفقاً لاعتبارات مختلفة، يوضح الحاج محمود، أحد المواطنين الذين يعتمدون بشكل شبه يومي على تطبيقات النقل الذكي لقضاء احتياجاتهم،» لا أقود منذ زمن، ومعظم مشاويري أستخدم فيها التطبيق، خصوصًا للمستشفى أو الدوائر الحكومية. التعامل محترم والسيارات نظيفة، لكن في مناطقنا الجنوبية عدد السائقين قليل. أحيانًا أنتظر أكثر من نصف ساعة، أو أحيانًا لا أجد سائقًا. يجب توسيع الخدمة لتشمل كل المحافظات».
منى، أم عاملة من الزرقاء، تعتبر تطبيقات النقل جزءًا أساسيًا من يومها، وتقول: «كأم لدي أطفال ومدرسة وشغل، أطلب التوصيلة وأنا مرتاحة، دون أن أضطر للخروج مبكرًا أو التأخر. لكن أتمنى أن يزداد عدد السائقات، فوجود سائقة أنثى يمنحنا شعورًا أكبر بالأمان في بعض الحالات».
الناطق الإعلامي باسم هيئة تنظيم النقل البري، عبلة وشاح، أن الهيئة تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير وتحسين خدمات النقل في المملكة، سواء التقليدية منها أو المقدّمة عبر التطبيقات الذكية
وشاح، أشارت إلى أن الهيئة تعمل على توفير بيئة نقل آمنة وفعّالة، تلبّي احتياجات المواطنين وتواكب متطلبات العصر، وذلك من خلال تنظيم عمل التطبيقات الذكية، وضمان التزامها بالأنظمة والتشريعات المعمول بها، إلى جانب تطوير قطاع النقل العام التقليدي ورفع مستوى الخدمات المقدّمة.
وتضيف أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على تنظيم ومراقبة عمل تطبيقات النقل الذكي لضمان تقديم خدمات موثوقة تلتزم بالمعايير القانونية، مؤكدة في الوقت ذاته حرص الهيئة على دعم الاستثمار في هذا القطاع من خلال تهيئة بيئة تشريعية مرنة تحفظ حقوق الركاب والسائقين على حد سواء
وفيما يخص خدمة الجمهور، بيّنت وشاح أن الهيئة تتيح للمواطنين إمكانية تقديم الشكاوى والاستفسارات والاقتراحات عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، مع التأكيد على التعامل معها بسرّية تامة، وتمكين المستخدمين من متابعة الشكوى ومعرفة الإجراءات المتخذة بشأنها
الخبير في مجال النقل محمد حامد يشير إلى أن دخول تطبيقات النقل الذكية أدخل التكنولوجيا الحديثة إلى قطاع النقل، ليس فقط في الأردن، بل على مستوى عالمي.
ويوضح أن هذه التطبيقات جاءت بفلسفة جديدة مختلفة عن النموذج التقليدي، حيث إن الشركات المالكة للتطبيقات لا تمتلك المركبات، بل تعتمد على سيارات مملوكة لأفراد، وهذا النموذج أتاح لأي شخص يمتلك سيارة، سواء كان لديه عمل بدوام كامل أو لا، فرصة لاستخدام سيارته لتحقيق دخل إضافي.
ويضيف حامد أن الهدف الأساسي من هذه التطبيقات هو تمكين الأفراد من تشغيل سياراتهم لبضع ساعات يوميًا، تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، مقابل مردود مالي يساعدهم في تحسين دخلهم، مما يعكس تحوّلًا جذريًا في مفهوم النقل والعمل ضمن هذا القطاع
ويشير حامد إلى أن فلسفة عمل هذه التطبيقات تقوم على كونها منصات وسيطة وليست شركات توظيف، ما يعني أنها لا تلتزم بتقديم الضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي للسائقين، باعتبارهم شركاء مستقلين وليسوا موظفين رسميين، واعتبر أن هذه النقطة تُعد من أبرز مواطن الضعف في هذا النموذج، كونها تترك العاملين دون حماية اجتماعية أو قانونية كافية
ويضيف أن فترة جائحة كورونا (كوفيد-19) شكّلت نقطة تحول في عمل التطبيقات، إذ توسعت خدماتها لتشمل توصيل الطلبات والمشتريات، وليس فقط نقل الركاب. وساهمت هذه الخدمات في تسهيل حياة المواطنين، خصوصًا كبار السن، والأشخاص الذين لا يملكون سيارات، أو الذين لا يفضلون القيادة ليلًا أو في أوقات الطقس السيئ، مما عزز من حضور هذه المنصات في الحياة اليومية وزاد من اعتماد الناس عليها.
وويتابع بالقول أن بعض التطبيقات تعمل بدون ترخيص رسمي، ما يؤدي إلى مشكلات قانونية وتشغيلية، في حين سُمح مؤخرًا للتكسي الأصفر بالعمل عبر التطبيقات، في خطوة تهدف إلى تنويع الخيارات أمام المستخدمين وتعزيز المنافسة
ويدعو حامد إلى ضرورة التوسع في هذه الخدمات لتشمل جميع مناطق المملكة، بما يحسّن تجربة النقل للمواطن ويعزز من كفاءة المنظومة،رغم توفر الخدمة في المدن الكبرى مثل عمّان وإربد والزرقاء، إلا أن انتشارها في المحافظات البعيدة لا يزال محدودًا، لأسباب اقتصادية تتعلق بالعرض والطلب
وعن أهمية تطوير منظومة النقل بشكل شامل قال انه لا يقتصر على تحسين وسائل النقل فقط، بل يشمل أيضًا تحديث البنية التحتية الداعمة، مثل المجمعات ومراكز الانطلاق ومحطات النقل العام، لتكون بيئة متكاملة تخدم احتياجات المواطن وتواكب المعايير العالمية
وفي سياق متصل، شدد على ضرورة وجود أكثر من شركة تطبيقات نقل في السوق، معتبرًا أن المنافسة عامل رئيس في رفع مستوى الخدمة
واختتم حامد حديثه بالتأكيد على أن الاعتماد على التطبيقات الحديثة في النقل يشكل حلًا عمليًا يتماشى مع التوجهات العالمية نحو مدن أكثر استدامة وكفاءة، داعيًا إلى تبني رؤية استراتيجية تضمن تطويرًا متكاملًا ومستدامًا لقطاع النقل.