تمديد فترة تسليم أسلحة الحزب وارتياح أمريكي للإنجازات التي تحققها القوات المسلحة

تبدو الساحة الداخلية مفتوحة على كل الاحتمالات، مع دخول الولايات المتحدة بثقلها المباشر على خط نزع سلاح حزب الله، وبدء الحوارات التمهيدية بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وحزب الله بشأن حصرية السلاح.
وفي تطور في الموقف الأميركي، أفادت مصادر موثوقة أن الولايات المتحدة وافقت، استجابة لطلب لبناني رسمي، على تمديد المهلة الممنوحة لحزب الله لتسليم سلاحه من 30 حزيران الحالي إلى 30 أيلول المقبل، في خطوة تتيح وقتاً إضافياً أمام محاولات إنضاج تسوية شاملة ترتبط مباشرةً بالمفاوضات الإيرانية-الأميركية وبالتوازنات الإقليمية الجديدة التي أفرزتها التحولات في سوريا. وفي هذا السياق، علم أن المسؤول عن ملف سوريا في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، توم باراك، سيكون مكلفاً بمتابعة ملفات لبنان وسوريا وتركيا، في مؤشر على مقاربة أميركية متكاملة للملفات الثلاثة في ضوء التطورات الجارية.
ورغم أن الحزب لم يعلن رسمياً قبوله بتسليم السلاح، إلا أن الدوائر الدبلوماسية ترى أنه دخل في مرحلة إعادة تموضع مدروسة، يربط خلالها هذا الملف بمسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، سعيا للحصول على ضمانات تتيح له الاحتفاظ بهامش من القوة العسكرية، ولو محدوداً، في إطار القدرة الدفاعية التي قد يسمح بها وفق اتفاقات دولية محتملة.
وفي هذا السياق، تبدي الأوساط الأميركية، ولجنة مراقبة الهدنة والمسؤولون المعنيون بالملف اللبناني، ارتياحا لما ينجزه الجيش ميدانياً، سواء من خلال انتشاره الفعلي جنوب نهر الليطاني، أو عبر عمليات التفتيش والكشف التي ينفذها شمال الليطاني، حيث تشير التقارير إلى ضبط ومراقبة مخازن أسلحة تابعة للحزب في مناطق متعددة، في خطوة تعزز الثقة الدولية بقدرة الجيش على ملء الفراغ الأمني الذي قد ينجم عن سحب سلاح الحزب.
إن الضغوط على الحزب لا تقتصر على السلاح وحده، إذ بدأ يتضح ، بحسب أوساط سياسية، أن مشروع إعادة الإعمار الذي ينتظره الحزب في مناطقه يبدو أبعد منالاً مما كان يأمل. فثمة معلومات ديبلوماسية تسربت إلى الإعلام مؤخراً تفيد بأن جزءاً من أسباب تأخير مسار إعادة الإعمار يعود إلى رغبة بعض القوى الدولية في دفع لبنان بطريقة غير مباشرة نحو القبول بفكرة فتح باب التفاوض مع إسرائيل، وهو ما يرفضه لبنان رسمياً وسياسياً، متمسكاً باتفاق الهدنة الموقع عام 1949 كأساس وحيد لتنظيم الوضع على الحدود، من دون الانزلاق إلى اتفاقيات مشابهة لما حدث مع بعض الدول العربية الأخرى.
وسط هذا المشهد، تبدو مهلة التمديد حتى 30 أيلول حاسمة، فإما أن يتوصل حزب الله إلى تسوية تحفظ له الحد الأدنى من حضوره ضمن معادلة لبنانية خالصة، بعيداً عن التعقيدات الإيرانية، وإما أن يجد نفسه في مواجهة ضغوط شاملة داخلية وخارجية، تجعل تمسكه بالسلاح عبئاً استراتيجياً على الحزب نفسه وعلى لبنان ككل.
إن تجاوز المهلة من دون نتائج ملموسة، سيعرض لبنان، بحسب مصادر دبلوماسية، لموجة عقوبات دولية جديدة، إضافة إلى احتمال تجميد المساعدات الاقتصادية، وتشديد العزلة السياسية وإدارة الظهر الخليجية التي تضع لبنان في مواجهة أزماته منفرداً، في ظل غياب أي غطاء إقليمي واضح للحزب بعد تراجع دور دمشق وطهران على الساحة اللبنانية.
في المحصلة، يظهر أن مصير سلاح حزب الله وإعادة إعمار المناطق المتضررة ومصير اتفاق الهدنة مع إسرائيل باتت ملفات مترابطة لا يمكن فصل أحدها عن الآخر، وهو ما يجعل الأشهر القليلة المقبلة شديدة الأهمية لمستقبل الوضع اللبناني برمته.