السر تكشف: أسباب الضربة الإيرانية

في بيانٍ رسمي صدر فور بدء الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، وصفت قوات الدفاع الإسرائيلية اللجوء إلى القوة بأنه “ضربة استباقية”.. لكن، ما السر وراء تنفيذ ضربة استباقية؟
بحسب تحليل ديفيد هوروفيتز، المحرر المؤسس لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن السر وراء الضربة يكمن في أنّ قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل اعتبروا أن برنامج الأسلحة النووية الإيراني قد بلغ مرحلة يُشكّل فيها تهديداً وجودياً حقيقياً لأمن إسرائيل.
وبعد سنوات من التهديدات بتنفيذ إجراءٍ عسكري، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي إيال زامير في بيان مُوجَّه إلى الشعب أن الوضع قد “بلغ مرحلة اللاعودة”.
تسارع برنامج تخصيب اليورانيوم
وسلّطت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الضوء على تسارع برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. وفي رسالة مصورة مُسجلة نُشرت في أثناء تنفيذ الهجوم الإسرائيلي، حدَّدَ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن النظام الإيراني باتَ يمتلك كمية من اليورانيوم المخصب تكفي لصنع تسع قنابل نووية.
وتعْلَم إسرائيل تمام العلم أن لدى إيران صواريخ قادرة على الوصول إلى أي نقطة داخل الأراضي الإسرائيلية. فضلاً عن ذلك، أشار نتانياهو إلى أن إيران خطَت خطوات غير مسبوقة تجاه “التسليح” — أي بناء القنبلة، وفق الكاتب.
وفي تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، قد يكون عدد “تسع قنابل” أقل من الواقع، وقد تكون عمليات التخصيب أكثر تقدماً مما أعلنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أن عملية التسليح قد شهدت اختبارات متقدمة خلال الأيام الأخيرة.
أهداف الضربات
وتهدف الضربات الإسرائيلية إلى إلحاق أضرار جسيمة بقدرات إيران على تصنيع أسلحة نووية — بما في ذلك استهداف منشآت رئيسة وقادة كبار.
وترى المؤسسة الأمنية أن هذه اللحظة كانت الأنسب والأكثر إلحاحاً لتوجيه الضربة، خاصةً قبل أن تتمكن إيران من إعادة بناء دفاعاتها التي دمرتها إسرائيل في هجومها السابق في تشرين الأول الماضي، وفي وقت يتوفر فيه لدى الاستخبارات معلومات قوية للغاية عن البرنامج النووي الإيراني.
ورغم حديث نتانياهو عن “التحرر الوشيك للشعب الإيراني من الطغيان”، فإن الهدف لا يكمن في إنجاز تغيير النظام الإيراني مباشرةً، بل إن المؤسسة الأمنية تركز وحسب على إحباط خطر البرنامج النووي الإيراني، دون التفاخر بالقضاء التام على كل عناصره.
وأشار نتانياهو أيضاً إلى توسع إيران المتسارع في برنامجها للصواريخ الباليستية، في ظل خططها الرامية لإنتاج آلاف الصواريخ خلال السنوات المقبلة.
وبغض النظر عن التهديد النووي، فإن هذه الصواريخ تمثل بحد ذاتها خطراً وجودياً، إذ من الممكن أن تربك أنظمة الدفاع العسكري الإسرائيلي وتدمرها، بحسب تقييم المؤسسة الأمنية.
وقال نتانياهو: “لا يمكننا أن نترك هذه التهديدات للجيل القادم، لأننا إذا لم نتحرك الآن، فلن يكون هناك جيل قادم”.
أيام عصيبة قادمة
أما زامير فكان تصريحه أكثر اقتضاباً، إذ وصف الهجوم بأنه “ضرورة عملياتية فورية”، وأضاف أنه واجب حتمي “للقضاء على التهديد الإستراتيجي وضمان مستقبلنا”.
وحذَّرَ كلاهما الجمهور من أيام عصيبة ومعقدة قادمة، في إشارةٍ إلى أن إسرائيل قد تواجه ضربات صاروخية إيرانية واسعة النطاق، تفوق في شدتها جولتي الهجمات الإيرانية بالطائرات المسيّرة والصواريخ اللتين وقعتا العام الماضي.
أميركا ستقف إلى جانب إسرائيل
وأشادَ نتانياهو بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووصفه بـ “الثابت”، رغم أن ترامب دعا علناً إسرائيل الأسبوع الجاري إلى عدم مهاجمة إيران ومنح الجهود الدبلوماسية مزيداً من الوقت.
ولم يتضح بشكل نهائي مدى تنسيق إسرائيل مع الولايات المتحدة، رغم ورود تقارير تفيد بأن إسرائيل أبلغت إدارة ترامب مُسبقاً بعزمها على شن الهجوم. أما نتانياهو، فقال إن إسرائيل أطلعت واشنطن مُسبقاً على الهجوم.
واستبعد الكاتب أن تكون الولايات المتحدة تؤدي دوراً مباشراً في الهجوم، رغم أن مشاركتها كانت ستتيح شن ضربة أكثر تدميراً بكثير.
ومع ذلك، يخلص الكاتب إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تؤمن بأن الولايات المتحدة ستقف إلى جوار إسرائيل متى اقتضت الضرورة ذلك. (24)