لبنان: مواجهة التحديات الأمنية وتأثيرها على النقل الجوي

كتب داوول رمال في” الانباء الكويتية”: الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب لم تعد مجرد مواجهة بالوكالة أو صراع استخباراتي كما شهدته العقود الماضية، بل تحولت إلى صدام مباشر استخدمت فيه أسلحة استراتيجية وطالت منشآت ومرافق حيوية داخل إيران لاسيما المطارات. وردود طهران امتدت إلى المجال البحري والجوي في إسرائيل، وهذا ما أثار قلقا عميقا في العواصم المجاورة، ومنها بيروت، التي استشعرت سريعا ارتدادات هذا التصعيد وارتفعت فيها درجة الاستنفار على مختلف المستويات.
في هذا السياق، عقدت سلسلة اجتماعات أمنية رفيعة المستوى لاسيما في القصر الجمهوري والسرايا، بمشاركة القيادات السياسية والأمنية والعسكرية، لعرض الأوضاع ومتابعة التقارير التي أعدتها الأجهزة المعنية حول تداعيات الحرب الإيرانية – الإسرائيلية على لبنان، «لاسيما ما قد يترتب عنها من انعكاسات أمنية مباشرة وغير مباشرة».
وبحسب معلومات خاصة بـ«الأنباء» تقرر في ضوء هذه التقارير، «اتخاذ حزمة من الإجراءات الفورية والوقائية، تهدف إلى المحافظة على الاستقرار الداخلي وتعزيز الأمن في مختلف المناطق اللبنانية، مع إعطاء أولوية خاصة لحماية المنشآت الحيوية، وفي طليعتها مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، الذي يعتبر شريانا حيويا للبنان، ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل كذلك من الزاوية الأمنية والاستراتيجية».
واستنادا إلى المعلومات، «شددت الأجهزة الأمنية على أهمية تأمين سلامة الطيران المدني، وتعزيز تدابير الحماية في محيط المطار وفي أجوائه، بالتنسيق المباشر مع إدارة الطيران المدني والجهات الدولية المختصة لضمان استمرار حركة الملاحة الجوية بشكل طبيعي وآمن، في ظل احتمالات أي تصعيد قد يطال الأجواء اللبنانية أو يعوق الحركة الجوية في المنطقة».
وأشارت المعلومات إلى «مطالبة السلطات المعنية، من خلال هذه الاجتماعات، بتكثيف التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتفعيل غرف العمليات المشتركة لمتابعة المستجدات لحظة بلحظة، إضافة إلى التأكيد على أهمية الجهوزية الإدارية إلى جانب الأمنية، بهدف ضمان التفاعل السريع مع أي طارئ محتمل، سواء على مستوى العمليات الميدانية أو الخدمات اللوجستية والبنية التحتية».
كما تقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لمواكبة التطورات، وهذا ما يعكس إدراك الدولة اللبنانية لحساسية المرحلة وتعقيدات المشهد الإقليمي، وضرورة مواجهة المخاطر المحتملة بخطط وقائية استباقية، خصوصا أن أي تصعيد غير محسوب على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، أو توسع دائرة الاشتباك الإقليمي، قد يضع لبنان مجددا على خط النار، في ظل وجود فاعلين غير رسميين على أراضيه.
وفي هذا السياق، تتعزز أهمية تحييد لبنان عن الصراع القائم، وهي المهمة التي تتطلب ليس فقط يقظة أمنية، بل كذلك غطاء سياسيا جامعا يدعم خيار الاستقرار، ويمنع توظيف الوضع الإقليمي في سياق الحسابات الداخلية، خصوصا أن تجارب الماضي القريب أثبتت أن الفشل في فصل المسارات يؤدي إلى مزيد من الانكشاف، وإلى زج البلاد في أتون مواجهات تتجاوز قدراتها وحدود مصالحها الوطنية.