حول لبنان… هل يمكن لفرنسا التأثير على إسرائيل؟

بدأ الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان جولته في لبنان، للبحث مع المسؤولين في مواضيع عاجلة أبرزها إتّفاق وقف إطلاق النار والإصلاحات والتمديد لـ”اليونيفيل”. ولعلّ أكثر الملفات التي تُشغل ليس فقط اللبنانيين وإنّما الدول الغربيّة، هي نزع سلاح “حزب الله” والفصائل الفلسطينيّة، بينما هناك تباين في وجهات النظر بين الإدارة الفرنسيّة والأميركيّة تجاه تنفيذ هذا الأمر.
وكما هو واضح بعد الغارات الإسرائيليّة الأخيرة على الضاحية الجنوبيّة لبيروت، أصبحت الولايات المتّحدة مُقتنعة أنّه من دون إستخدام إسرائيل للقوّة، يصعب على الدولة اللبنانيّة تسلّم السلاح من “حزب الله”، لذا، علت في واشنطن الأصوات التي تتّهم رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون وحكومة نواف سلام بالتقصير والمماطلة حيال نزع السلاح غير الشرعيّ.
من هنا، فإنّ إدارة دونالد ترامب تدعم الخطوات الإسرائيليّة الهادفة إلى حماية أمن تل أبيب، وخرق وقف إطلاق النار لاستهداف أبنيّة يُزعم أنّ “حزب الله” يقوم بتخزين وتصنيع الأسلحة فيها، بهدف الحدّ من قدرات “المُقاومة”، وعدم السماح لها ببناء قوّتها الجويّة والصاروخيّة من جديد.
أمّا في المقابل، فإنّ فرنسا تتحرّك من أجل الإعتراف مع بلدان أخرى بدولة فلسطين، لإنهاء النزاع الإسرائيليّ – الفلسطينيّ، وقد هاجمت تل أبيب هذه الخطوة وانتقدتها كثيراً، وأشارت إلى أنّها لن تعترف أبداً بها. وفي لبنان، تُصرّ باريس على وقف أيّ شكلٍ من أشكال الإعتداءات الإسرائيليّة، وخصوصاً في الضاحية الجنوبيّة، خوفاً من عودة الحرب.
وفي هذا السياق، فإنّ إدارة الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون ترى أنّ إنسحاب إسرائيل من التلال الخمس المُحتلّة في جنوب لبنان، والتمديد لـ”اليونيفيل”، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيليّة وترسيم الحدود البريّة الجنوبيّة، كلّها عوامل تُساهم في تراجع دور “حزب الله” وبسط الدولة اللبنانيّة لسيادتها، من دون إستخدام منطق القوّة.
ولكن، لا يبدو أنّ باريس قادرة بالفعل على التأثير على خيارات بنيامين نتنياهو، فالأخير يتّخذ قرارات مُتهوّرة في كلّ من لبنان وغزة، ويُعرّض المنطقة لحروبٍ جديدة، بينما واشنطن تدعم توجّهاته ولا تزال تمدّه بالسلاح كيّ يستمرّ في مُحاولاته للقضاء على “حماس” و”حزب الله”.
ولا يُعطي الكثيرون أهميّة لزيارة لودريان إلى لبنان في ما يتعلّق بالضغط على إسرائيل لاحترام وقف إطلاق النار، على الرغم من أنّها تُشكّل دعماً لجهود الحكومة اللبنانيّة وللجيش، ففرنسا عبر لجنة مُراقبة إتّفاق الهدنة، لم تنجح في حثّ تل أبيب على عدم قصف البلدات الجنوبيّة والبقاعيّة والضاحية الجنوبيّة.
وحاليّاً، ينتظر لبنان زيارة خليفة مورغان أورتاغوس أو أيّ شخصيّة أميركيّة أخرى إلى بيروت، بينما من المتوقّع أنّ يظلّ موضوع نزع سلاح “حزب الله” من أهمّ الأهداف التي يسعى ترامب إلى تحقيقها، وسط ترقّب الضغوط التي ستُمارس على رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة في هذا الصدد، وإنّ كانت تل أبيب ستشنّ المزيد من الغارات على الضاحيّة الجنوبيّة، من أجل دفع “الحزب” إلى الخضوع للأمر الواقع، والتنازل عن قوّته المتبقيّة.