لتسوية أزمة إيران: تقرير أمريكي يوصي الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا

لتسوية أزمة إيران: تقرير أمريكي يوصي الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا

ذكر موقع “The American Conservative” الأميركي أنه “في الأسبوع الماضي، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب باستعداده لدعم الجهود الأميركية للتفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران. ويمثل هذا العرض فرصةً بالغة الأهمية، ليس فقط لإيران، بل للأمن العالمي عمومًا. وفي ظل التوترات المستمرة بين واشنطن وموسكو، وخاصة في ما يتصل بالحرب المتصاعدة بشكل خطير في أوكرانيا، فإن التعاون بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يخدم غرضين حيويين، بالإضافة إلى منع طهران من بناء قنبلة نووية: الأول، الوفاء بتعهد ترامب بتجنب الحروب الجديدة، والثاني، تعزيز الحوار الذي تشتد الحاجة إليه بين القوتين العظمتين المتعارضتين”.
وبحسب الموقع، “إن النظر إلى هذه الفرصة على محمل الجد في موسكو يتأكد من خلال تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي المؤثر سيرغي ريابكوف، وهو أيضا كبير المفاوضين الروس بشأن إيران. وفي حديثه لوكالة أنباء تاس الرسمية يوم الأحد، أشار ريابكوف إلى أن “واشنطن أصبحت هذه الأيام أكثر جدية في نيتها إبرام صفقة مع طهران بشروط مقبولة للطرفين”. وأكد لافروف على “جهود روسيا الرامية إلى المساعدة في البحث النشط عن الحلول التفاوضية الضرورية” ووجد أن هذه الحلول قابلة للتحقيق “مع الاعتماد الواجب على القانون الدولي ومبدأ الأمن العادل وغير القابل للتجزئة، فضلاً عن التوازن الدقيق للمصالح والتقدم التدريجي الذي سيسمح بتعزيز الثقة من خلال مراعاة الاتفاقات التي تم التوصل إليها”. وأعرب ريابكوف عن أمله في أن “تدرك كل من الولايات المتحدة وإيران هذا الأمر بشكل كامل”.”

وتابع الموقع، “لدى موسكو أسبابها الخاصة لدعم الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران: فباعتبارها عضواً في نادي الأسلحة النووية، فهي ليست مهتمة بانضمام دول أخرى، بما في ذلك إيران، إليها. وعلاوة على ذلك، تخشى موسكو أن تؤدي ضربة عسكرية أميركية إسرائيلية على إيران في أعقاب انهيار المفاوضات إلى إضعاف شريك رئيسي وزعزعة الاستقرار في غرب آسيا والحدود الجنوبية لروسيا. يرى بعض المحللين أن استمرار عزلة إيران عن الغرب يخدم مصالح روسيا من خلال زيادة اعتماد طهران على موسكو. في المقابل، من شأن رفع العقوبات عن إيران أن يُسهّل اندماجها مجددًا في الأسواق العالمية ويُقلّل اعتمادها على روسيا. ومن بين المخاوف التي تواجهها موسكو على وجه الخصوص أن زيادة صادرات النفط الإيراني من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض ربحية الهيدروكربونات الروسية”. 

وأضاف الموقع، “مع ذلك، لا تطغى هذه المخاوف على الحوافز الإيجابية التي تدفع موسكو إلى تسهيل التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، وأي اتفاق محتمل سيكون اتفاقًا ضيقًا لمنع الانتشار، مما يحد من الخسائر المحتملة لروسيا. إن عمق انعدام الثقة المتبادل بين الولايات المتحدة وإيران كبير لدرجة أن الاتفاق النووي لن يكون بالضرورة مقدمة لتطبيع أوسع نطاقا، على الأقل في الأمد القريب. وعلاوة على ذلك، يبذل حلفاء واشنطن الأوروبيون كل ما في وسعهم لزيادة عزلة إيران، وبالتالي فإن طهران لديها مصلحة في الحفاظ على علاقات قوية مع موسكو لموازنة الجهود الرامية إلى عزلها. ولعل الأمر الأكثر حسماً هو أن روسيا ترى في مشاركتها المحتملة في حل الأزمة النووية مع إيران وسيلة لتعزيز صورتها باعتبارها وسيطاً دبلوماسياً قوياً لا غنى عنه، وهي السمعة التي يمكن استغلالها لتحسين العلاقات مع واشنطن، وهو أحد الأهداف الرئيسية لبوتين. كل هذه العوامل من شأنها أن تجعل موسكو واثقة من أنها، في المجمل، لديها الكثير لتكسبه أكثر مما تخسره من المساعدة في تسهيل التوصل إلى حل تفاوضي للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران”.

وبحسب الموقع، “لكي تتمكن موسكو من أداء هذا الدور، لا بد من استيفاء شرط أساسي: على الولايات المتحدة تحديد أهداف واقعية لاتفاق جديد مع إيران. إن إصرار ترامب العلني على “عدم تخصيب” اليورانيوم هو طريقٌ إلى الفشل. إن إصرار طهران على التخصيب المحلي قد يحير المفاوضين الأميركيين، ولكن هذه هي الطريقة التي ينظر بها المتشددون والمعتدلون في إيران إلى القضية على حد سواء، وقد أشار قادة البلاد مراراً وتكراراً إلى أن هذا هو أعظم خطوطهم الحمراء. من غير المرجح أن تُسهم روسيا في المحادثات مع إيران إذا رأت أن الهدف الأميركي النهائي غير واقعي وغير قابل للتحقيق. ومع ذلك، يُمكن لموسكو أن تلعب دورًا بنّاءً إذا أبدت واشنطن مرونةً في دراسة خيارات أخرى لقطع الطريق على مسارات إيران المحتملة نحو الأسلحة النووية. من جانبها، أبدت طهران انفتاحها على مناقشة “كل شيء”، من مستويات التخصيب، والتخزين، والتحقق، وتشكيل اتحاد إقليمي، وما إلى ذلك، شريطة حماية حقوق التخصيب المحلية”.

وتابع الموقع، “في إطار أكثر واقعية، يمكن لموسكو مساعدة واشنطن وطهران على التوصل إلى اتفاق من خلال القيام بدور الوصي على فائض إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب. ونظراً للقدرات التقنية التي تتمتع بها روسيا والبنية الأساسية النووية القائمة، فإن هذا الترتيب عملي وقابل للتحقق. ويبدو أن طهران منفتحة على مثل هذا الترتيب. وبعيداً عن الفوائد الفنية للمحادثات النووية، فإن المشاركة الأميركية الروسية بشأن إيران قد تساعد في إذابة الجليد في علاقاتهما الثنائية في وقت من العداء الخطير. وحتى التعاون المحدود في مجال منع الانتشار النووي من شأنه أن ينشئ قناة للتواصل، مما يقلل من خطر سوء التقدير في مجالات أخرى، مثل التوترات بين حلف شمال الأطلسي وروسيا أو الحرب المستعرة في أوكرانيا”> 

وختم الموقع، “إذا تمكنت واشنطن وموسكو من إيجاد أرضية مشتركة بشأن إيران، فقد لا يحل ذلك كل خلافاتهما، ولكنه سيُثبت أن حتى المتنافسين قادرون على التعاون عندما تكون المخاطر كبيرة بما يكفي. في عالم يتأرجح نحو صراع بين القوى العظمى، سيكون هذا وحده مكسبًا للدبلوماسية وللسلام العالمي”.