كواليس ملحمة عقد محمد صلاح.. بين مخاوف رامي عباس والاهتمام السعودي وحنكة ليفربول

كواليس ملحمة عقد محمد صلاح.. بين مخاوف رامي عباس والاهتمام السعودي وحنكة ليفربول

وضع نجم فريق ليفربول، محمد صلاح، كلمة النهاية للتكهنات التي طالت حول مستقبله مع النادي الإنجليزي، وسطر أولى الكلمات في بداية رحلة بطعم جديد في “الأنفيلد” بعدما وقع عقدًا جديدًا صباح اليوم الجمعة.








وأعلن نادي ليفربول، في بيان رسمي صباح اليوم، توقيع محمد صلاح على عقد جديد ساري لمدة عامين، أي حتى 2027.












جاء ذلك الإعلان بعد سلسلة طويلة من التكهنات حول مستقبل محمد صلاح مع ليفربول، حيث كان من المفترض أن ينتهي عقده القديم في يونيو المقبل.

وتسبب التأخير في إعلان تجديد عقد النجم المصري في انتشار سيل من التكهنات حول مستقبله وإمكانية رحيله، حيث بدأت الشائعات منذ الصيف الماضي وحتى قبل أيام قليلة.

وأعدت شبكة “ذا أثلتيك” العالمية تقريرًا مطولًا ممتعًا عن محمد صلاح وتجديد عقده والكثير من الأمور التي سارت خلف الكواليس، ولم يعلمها جمهور ليفربول.
وبدأت الشبكة الشهيرة تقريرها: “جاء خبر بقاء محمد صلاح في ليفربول مصحوبًا بكلمات ذات طابع فكاهي، (المزيد من البقاء أكثر من الرحيل)، هكذا عبرت الحسابات الرسمية للنادي عبر مواقع التواصل الاجتماعي صباح اليوم عن الأمر، بعد حوالي 36 ساعة من ظهور تقارير تفيد موافقة المصري على البقاء مع ليفربول”.
وأضافت: “كان هذا تلاعبًا بالألفاظ، في إشارة إلى تصريحات محمد صلاح في نوفمبر الماضي عندما أثار التكهنات بقوة حول مستقبله حيث صرّح بأنه يشعر أقرب إلى الرحيل من البقاء، بعدما سجل هدفين في مباراة ليفربول وساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي، في إشارة منه إلى أن مفاوضات تجديد عقده ليست سلسة على الإطلاق، ورغم أن ليفربول كان دائمًا واثقًا من التوصل إلى حل ناجح، إلا أن هذا السيناريو لم يكن حتميًا، ولكن الآن تم الاتفاق”.
وواصلت: “وقع محمد صلاح عقدًأ جديدًا لمدة عامين، دون أي شروط جزائية، بشروط مشابهة لتلك التي جعلته ثاني أعلى اللاعبين أجرًا في الدوري الإنجليزي خلف هالاند (مثل العقد القديم)، وبينما تضمن عقده السابق راتبًا قدره 350 ألف جنيه إسترليني، فإن قيمة راتب محمد صلاح بمقتضى العقد الجديد، بالأخذ في الاعتبار المكافآت والحوافز المرتبطة بالأداء، أعلى بكثير، بخلاف الإعلانات التجارية الخارجية، التي يتضمن بعضها كذلك شروطًا مرتبطة بالأداء، فإن راتبه الأسبوعي قد يصل إلى حوالي مليون جنيه إسترليني”.
وأوضحت: “الطابع المربح لهذا العقد يعكس مكانة محمد صلاح وتميزه المستمر، فعلى الرغم من كونه سيبلغ 33 عامًا في يونيو المقبل، إلا إنه من المقرر أن يكمل عقدًا من الزمن في الأنفيلد بفضل عقده الجديد، مع العلم أن المناقشات حول هذه الصفقة الأخيرة عملية مطولة، ولم تكن بمثابة لحظة حاسمة، حيث استغرقت ما يقرب من عام، ولم يكن الطريق ممهدًا”.
وتحدثت شبكة “ذا أثلتيك” مع شخصيات متطلعة على تلك المفاوضات، وطالبوا بعدم الكشف عن هويتهم لحماية علاقتهم، على حد قولها.
وألقت الشبكة الضوء بداية على رامي عباس، وكيل محمد صلاح، حيث قالت: “إنه لا يحب منافشة الأمور الحساسة والهامة عبر هاتفه، حيث من الملائم له أن تطبيقات مثل واتس آب ممنوعة من استقبال أو إجراء المكالمات في الإمارات العربية المتحدة، حيث يقيم، وعلى الرغم من السماح بالرسائل، إلا أن المئات منها عادةً ما يتركها دون قراءة، والعديد منها من شركاء تجاريين محتملين يتطلعون إلى العمل مع أشهر عملائه، ولكنه يتجاهل ذلك في العادة، حيث إنه شخص عملي ويفضل اللقاء الشخصي”.
واستكملت: “عندما تعاقد ليفربول مع محمد صلاح في صيف 2017، سافر مديره الرياضي آنذاك مايكل إدواردز وكبير كشافي المواهب ديف فالوز إلى دبي احترامًا لـ رامي عباس، لقد أرادوا أن يظهروا له مدى حرصهم على التعاقد مع المصري من نادي روما، واستغرقت رحلتهم بضع ساعات فقط، حيث كانت تلك المفاوضات سهلة نسبيًا نظرًا لحماس محمد صلاح للعودة إلى الدوري الإنجليزي، لشعوره أن لديه الكثير ليُثبته بعد أن لعب بالكاد في تشيلسي مع مورينيو”.
واسترسلت: “لكن عندما اتصل المدير الرياضي الجديد لـ ليفربول، ريتشارد هيوز، بالهاتف ليُقدم نفسه لـ رامي عباس في يوليو الماضي، كان هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، فبخلاف إيجاد البديل المناسب لخلافة يورجن كلوب، كان هناك ملف مستقبل الثلاثي محمد صلاح، ترينت ألكسندر أرنولد وفيرجيل فان دايك، حيث لم يتبق الكثير في عقودهم”.
وكانت حالة أرنولد مختلفة عن الثنائي الآخر، حسب قول الشبكة نفسها، إذ إنه لا يزال في منتصف العشرينيات من عمره ويتطلع ريال مدريد إلى ضمه، في حين أن محمد صلاح وفان ديك في أوائل الثلاثينيات، ورغم أنهما مستمران على أعلى مستوى، إلا أن النادي يدرك أن عقودهما السابقة تم توقيعها عندما كانا في ذروة مجدهما.
اقرأ أيضًا | بعد تجديد عقده.. أبرز أرقام محمد صلاح القياسية مع ليفربول
ومن ثم، كان شعار مسؤولي ليفربول هو تجاهل سؤال “ما هو القرار الصحيح اليوم”، واستبداله بـ”ما هو القرار الصحيح في المستقبل”.
وكشفت: “كانت المحادثة الاولى بين ريتشارد هيوز ورامي عباس موجزة وعفوية، حيث وعد المدير الرياضي بالتواصل معه قريبًا لمناقشة مستقبل صلاح، وكما فعل إدواردز وفالوز قبل سنوات، سافر هيوز لاحقًا إلى دبي من أجل مقابلة الوكيل الكولومبي، وزاره مرتين قبل نهاية عام 2024”.
وسردت المزيد من التفاصيل، قائلة: “الاجتماع الأول بين الثنائي كان في آواخر سبتمبر الماضي، في حانة بأحد أهدأ المطاعم في دبي، ولكن الحديث كان قصيرًا وغير رسمي مرة أخرى، حتى سأل هيوز الأخير عما إذا كان صلاح يرغب في البقاء في ليفربول، ليؤكد له بأنه يرغب في ذلك، لكن المدير الرياضي عاد إلى إنجلترا، وكان رامي عباس قلقًا من أن النادي قد لا يكون مستعدًا للحفاظ على مستوى أجر موكله، حيث أبدى إعجابه بمسؤول ليفربول ولكنه ظل يتساءل عما إذا كان ليفربول سيظل يُقدر صلاح كما كان في السابق، كما تساءل عما إذا كان عدم الالتزام يمثل عملًا عدائيًا”.
من جهة أخرى، كان محمد صلاح يقدم أداءً يتفوق خلاله على أفضل لاعبي العالم، ولم يبدِ أي علامات على التراجع، حيث كان لا يزال يسجل ويصنع بشكل غزير، ومن هنا أدرك محمد صلاح ووكيله أنه لن يتقاضى أجره إلا بناءً على ما قد يحققه في المستقبل، لكنهما أرادا الحفاظ على مكانته كواحد من أعلى اللاعبين أجرًا في العالم.
في حين أن ليفربول يصر على أن مسألة تخفيض راتب محمد صلاح لم تكن مطروحة طوال عملية التفاوض، بل وحرصوا دائمًا على الاحتفاظ باللاعبين الذي اعتبره من ضمن الأفضل في العالم، ولم يمانعوا في سعي المصري نحو الحصول على أفضل شروط ممكنة، وكانوا يدركون كذلك ضرورة السعي لإيجاد أرضية مشتركة مع رامي عباس قبل تقديم عرض رسمي.
في الوقت نفسه، كان هناك اعتراف بأنه يجب ألا تتعارض أي صفقة مع النموذج المالي لمجموعة “فينواي” الرياضية، المالكة لنادي ليفربول، ويجب أن تكون في مصلحة النادي، كانت تلك نقطة مبدأ لا يمكن التضحية بها، بغض النظر عن مدى أهمية محمد صلاح للفريق وتعزيز فرصه في النجاح على أرض الملعب.
وفي ظل كل هذا، كان محمد صلاح يرى أن أفضل سنوات مسيرته لم تأتِ بعد، كما إنه كان يؤمن بأن أهدافه في قيادة ليفربول نحو النجاح ستمكنه من السير على خطى أساطير مثل ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، كريم بنزيما وغيرهم فيما يخص التتويج بالكرة الذهبية، خاصة وأن الغالبية العظمى من الفائزين بها كانوا في أوائل ومنتصف الثلاثينيات.
واستكمالًا لنقطة اللقاء الأول، كان رامي عباس يتسائل كذلك عن دور مايكل إدوارز وراء الكواليس، فعلى الرغم من أنه يعمل الآن رسميًا لدى مجموعة “فينواي” الرياضية، وليس النادي، إلا أن مسؤوليته في نهاية المطاف كانت إدارة الميزانيات بما يخدم مصالح كرة القدم في المنظمة، ولم يكن ليفربول يعاني من ضائقة مالية، وحتى رغم أنه كان من المتوقع أن يسجل النادي خسارة لموسم 2023-2024، إلا أنها ظلت ضمن معايير الربح والاستدامة للموسم.
وبالرجوع إلى آخر مرة جدد فيها محمد صلاح عقده، في يوليو 2022، تم التوقيع من قِبل رئيس مجموعة “فينواي” الرياضية ماك جوردون، حيث كانت المحادثات الجوهرية بين الأخير ورامي عباس، واتسمت بالصرامة والصعوبة، بل وشعر الكولومبي واللاعب أن المستقبل سيكون في نادِ آخر قبل 3 أسابيع فقط من التوصل إلى اتفاق.
وشعر رامي عباس بالفخر من تلك الصفقة، مدركًا أن النادي ومالكيه بذلوا كل ما لديهم من أجل الاحتفاظ بـ محمد صلاح، حتى أنهم سمحوا لكلية هارفارد في الولايات المتحدة بتحويل الأمر برمته إلى دراسة حالة.
وبالنظر إلى ربحية العقد السابق، والكشف عن مدى الطبيعة القياسية لها والذي يعكس مساعي الإدارة للاحتفاظ بالنجم المصري، فإنه سيكون من الصعب على أي من منتقديهم اتهامهم بالبخل، ولكن من الملائم كذلك للمُلاك الإبقاء على الأرقام منخفضة، فإذا عُرف أن محمد صلاح يتقاضى راتبًا أعلى بكثير من بعض زملائه في الفريق، فقد يشكل ذلك خطرًا فيما يخص إمكانية خروج هيكل رواتب ليفربول عن السيطرة.
وقررت مجموعة “فينواي” الرياضية إعادة مايكل إدواردز إلى المنظمة في مارس الماضي، ورغم قسوته في التعامل، لم يستطع رامي عباء التخلص من الشعور بأن ماك جوردون (رئيس المجموعة) سيظل مشاركًا في المفاوضات حتى النهاية، حيث أنه صاحب المال في الأساس.
وحسبما جاء في التقرير الشيق، فإن الموافقة على تجديد عقد محمد صلاح استغرقت قرابة عام، لم يكن الأمر سهلًا، في حين أن اجتماع ثاني بين رامي عباس وهيوز قد وقع في أكتوبر الماضي في دبي، لم يتقدم الحديث كثيرًا، حيث رأى المحامي الكولومبي أن النقاش كان يفتقر إلى المضمون الهادف، كان رأيه أن المفاوضات لم تبدأ بعد، حيث كانت سياسته دائمًا تتمثل في ترك النادي يتخذ الخطوة الأولى، مما يسمح له برؤية مدى تقديرهم لموكله بشكل واضح، ومن ثم فإن السرعة الشديدة أو التباطؤ يثير قلقه.
اقرأ أيضًا | باهظة الثمن.. ديلي ميل توضح سعر ساعة محمد صلاح الفاخرة خلال توقيع عقده الجديد مع ليفربول
ومع نهاية نوفمبر الماضي، لم يكن رامي عباس يعلم المبلغ الذي يرغب ليفربول في دفعه لـ محمد صلاح أو مدة العقد المطلوب، رغم إخباره بوجود عرض قيد الإعداد، لم يحدث شيء، ولكنه كان واثقًا من أن النادي سيفي بوعده في النهاية، لكنه بدأ يعتقد بشكل متزايد أن ذلك لن يكون إلا لحفظ ماء الوجه، حيث أن ذلك سيسمح للنادي بالادعاء بأنهم حاولوا الاحتفاظ بـ صلاح، رغم علمهم أن العرض المقدم له سيتم مقابلته بالرفض.
وهذا يفسر السبب وراء تصريح محمد صلاح الشهير في نوفمبر الماضي عندما أوضح أنه يشعر بكونه أقرب إلى الرحيل من البقاء، لا شيء يُصرح به علنًا دون دراسة، نادرًا ما يكون متسرعًا، كما إنه قليلًا ما يكون مرتجلًا، ففي البداية كان يخطط لإخبار سكاي سبورتس عن إحباطاته خلال المقابة التي تمت معه بعد مباراة ساوثهامبتون مباشرة، ولكن لم يتم سؤاله عن مستقبله، وفي حين توجهه إلى حافلة الفريق، سُئل من قِبل صحفيين عن الأمر، ليدلي بتصريحه هذا.
ومن غير المعتاد سماع لاعب مثل محمد صلاح يتحدث في هذا الشأن بشكل صريح، ومع ذلك في تلك المناسبة، شعر بأنه قادر على ذلك لأن رامي عباس يمثله فقط، لم يكن لدى اللاعب ولا المحامي زملاء في الفريق أو عملاء آخرين ليُفكروا فيهم في ليفربول، وتسبب تلك التصريحات في اتهامه بالأنانية من قِبل شخصيات شهيرة مثل جيمي كاراجر.
ولكن هيوز رأى في البداية أنه لم يكن يرغب في نشر أي شيء يتعلق بمحادثات العقد، حيث برر ذلك بكون هذا الأمر سيسبب مشاكل لـ محمد صلاح وللمدرب آرني سلوت والفريق بأكمله، في ظل التركيز على البطولات المختلفة، وهذا غالبًا ما يعني تعرض النادي لانتقادات لاذعة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، لسماحه للمحادثات بالانجراف وإثارة حالة من عدم اليقين.
وفيما يخص مدة العقد، كان رامي عباس منفتحًا بشأن أي مدة، رغم وجود بعض الإدعاءات بكون تلك المسألة ستسبب نزاعًا، ولكن على العكس، إذا كان العرض مناسبًا، كان محمد صلاح مستعد لتجديد عقده لمدة عام فقط، ومع ذلك، مع الوصول إلى شهر ديسمبر، لم يكن كلا الطرفين قد وصلا حتى إلى مرحلة الأرقام.
كان ليفربول يرغب في أن يكون محمد صلاح هو آخر الثلاثي الذي يجدد عقده، فلو جدد عقده الأول وبراتب مرتفع للغاية، سيكون ذلك ذريعة للثنائي الآخر للمطالبة بالمساواة، ولكن رامي عباس كان يرى أن المصري هو اللاعب النجم، وكما حصل أندريه شيفتشينكو على أموال أكثر من باولو مالديني في ميلان قبل عقود، فإن صلاح يستحق كذلك الراتب الأعلى.
وقبل مباراة ليفربول ومانشستر سيتي في ديسمبر الماضي، توجه رامي عباس إلى إنجلترا حيث عقد اجتماعًا مع أحد الرعاة في مانشستر قبل أن يقضي ليلة في لندن، ثم سافر إلى ليفربول قبل ساعات قليلة من المباراة، وتوجه إلى جناح الضيافة في الملعب دون أن يلاحظه أحد من وسائل الإعلام، ورغم أن هيوز تواصل معه لسؤاله عن تصريحات محمد صلاح المثيرة، إلا إنه لم يُعد أي لقاء بين الثنائي، ليعود الكولومبي إلى دبي دون أن يعرف مستقبل موكله.
ووفقًا لما وُرد في التقرير، فإن رامي عباس قد حدد بداية فبراير كنقطة فاصلة لأي قرار، حيث سيترك ذلك فترة زمنية معقولة لمحاولة إيجاد حل مع ليفربول، أو في حال فشل ذلك، التوصل إلى اتفاق مع نادِ آخر، مع العلم أن الأندية الأجنبية لم تتمكن من التحدث مع محمد صلاح بشكل رسمي حتى يناير، حيث كان الكولومبي يخطط لقضاء الشهر الأول من العام الجديد في توسيع خيارات موكله، ولكنه كان يعلم أن أولوية الأخير هي التجديد.
اقرأ أيضًا.. جراهام بوتر قبل مباراة ليفربول: تجديد عقد محمد صلاح رائع لـ الدوري الإنجليزي
كان محمد صلاح يستمتع باللعب تحت قيادة آرني سلوت، وأبدى إعجابه بتفوق الهولندي، ففي السابق كان كلوب يحبذ تصوير الفريق على أنه الطرف الأضعف، ولكن سلوت على العكس، يرى أن ليفربول قوة عظمة عالمية تستحق الألقاب، وهو ما جعل محمد صلاح يحترم ذلك.
وفي الوقت الذي كان محمد صلاح يرى أن الموسم الحالي هو الفرصة المثالية لـ ليفربول من أجل تحقيق الألقاب العديدة، فإن رامي عباس يعتقد أن النجاح لا يؤدي دائمًا إلى قرارات رياضية أو تجارية جيدة، الفوز بالدوري سيجعل من الأسهل على ليفربول التخلي عن صلاح، لأن ضغط الجماهير قد لا يكون بنفس القدر.
هذا الأمر يفرض تساؤلًا غريبًا، هل كلما تحسن أداء محمد صلاح وليفربول، ضعفت فرصه في البقاء في الأنفيلد بعد صيف 2025؟ أراد صلاح اللعب على أعلى مستوى لأطول فترة ممكنة، إذا فاز ليفربول بالدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، فسيكون أي مكان آخر في تلك المرحلة في مهب الريح بالنسبة له.
وبالعودة إلى مطلع العام الحالي، أصبح الدوري السعودي وجهة منخفضة الاحتمالات أمام محمد صلاح، رغم أنه دوري يتمتع بموارد ضخمة، إلا أن المملكة العربية السعودية دولة نامية في اللعبة، كما أن المصري أحب اللعب في إنجلترا، حيث تُحترم خصوصيته ويمكنه التركيز على مسيرته، هل سيكون الأمر نفسه حال عودته إلى الشرق الأوسط؟ على المدى الطويل، كان عباس مهتمًا بالولايات المتحدة، لكن الدوري الأمريكي لكرة القدم لم يُقدم أي عروض.
وبينما كانت هناك تكهنات صحفية بأن باريس سان جيرمان خيار آخر، نفى رئيس النادي الفرنسي ناصر الخليفي في أوائل يناير رغبته في ضم محمد صلاح، وبحلول منتصف الشهر نفسه، بدأ رعاة اللاعب يشعرون بالقلق، متشوقين لمعرفة مصير صلاح.
أجرى رامي عباس حساباته حول ما يعنيه انتقاله إلى فرنسا، حيث ستتأثر رعاة صلاح بشكل كبير لأن الدوري الفرنسي لا يتمتع بنفس الشهرة العالمية التي يتمتع بها الدوري الإنجليزي، وهذا ساهم في ميل الوكيل للبقاء لفترة أطول في إنجلترا، ويفضل أن يكون ذلك مع ليفربول، حيث أن محمد صلاح لن يدمر إرثه بالانضمام إلى منافس، وهو ما جعله يستبعد مانشستر سيتي وجاره مانشستر يونايتد.
في حين كان هناك غموض حول تشيلسي، حيث لعب محمد صلاح لمدة عام فقط وكانت فترة فاشلة تحت قيادة جوزيه مورينيو، وتمت إعارته إلى فيورنتينا ثم روما، وشعر صلاح كما لو كان لا يزال لديه شيء ليثبته في “ستامفورد بريدج”، ومع ذلك فإن أي صفقة للعودة كانت تعتمد على تخلي تشيلسي عن استراتيجية الانتقال التي تركز على التوقيع مع اللاعبين الشباب، كما أن أي انتقال إلى نادٍ إنجليزي آخر أصبح أكثر تعقيدًا نظرًا لعدم السماح لأي من هذه الأندية بالتفاوض مع صلاح قانونيًا حتى مايو.
بحلول نهاية شهر يناير، أخبر محمد صلاح عائلته أن هناك احتمالًا لاضطرارهم إلى الرحيل عن منزلهم في تشيشاير، بالنسبة لـ رامي عباس، كان هناك الآن خياران واضحان: البقاء في ليفربول، أو الموافقة على مضض على صفقة مع البديل الوحيد الذي يمكن أن يلبي توقعاته المالية، مع الحديث عن أحد الأندية السعودية خاصة الهلال الذي كان يسعى إلى ضم المصري من أجل كأس العالم للأندية.
ورغم أن رامي عباس أجرى محادثات مع مع أندية أخرى مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، إلا أنه بدأ يعتقد بشكل متزايد أن الاهتمام بموكله كان بمثابة هجوم ساحر من جانب قوى كرة القدم في البلاد لإظهار مدى تقدير صلاح.
ولكن رامي عباس لم يتلق عرضًا مكتوبًا، رغم ذلك، فإن الأرقام التي كان السعوديون يتحدثون عنها كانت ستقضي على أي مخاوف بشأن الرعاة ورد فعلهم، حيث أخبرته اتصالاته في السعودية أنه إذا أراد صلاح الانتقال إلى هناك، سيحصل على عرض، مع العلم أن الوكيل كان مدركًا لما قد يحدث حال اتضاح أن ليفربول لن يبرم صفقة جديدة، حيث أن ذلك قد يعرض محمد صلاح للخطر ويصبح فجأة في سوق اللاعبين المتاحين للبيع.
وتشير الشبكة أن العرض الأول الذي قدمه ليفربول لـ محمد صلاح كان في أوائل ديسمبر، وهنا تبددت مخاوف رامي عباس حيث اعتبره أمرًا يمكن العمل عليه، وأصبح أكثر سعادة بالطريقة التي تسير بها الأمور بفضل انتظام التواصل مع النادي، حيث بدا ليفربول أكثر جدية، ولكن عقد هالاند الجديد الذي قد تم الإعلان عنه في منتصف يناير الماضي كان من المحتمل أن يعقد الأمور.
ما هو راتب هالاند في العقد الجديد المستمر 9 سنوات ونصف؟ لقد فهم عباس أن أي صفقة لـ محمد صلاح ستكون أقصر بكثير، ولكن إذا كان هالاند هو الذي يحدد السعر للمهاجمين، نظرًا لأن صلاح كان يتفوق عليه في التسجيل ويلعب لفريق أعلى في الجدول، فيجب أن يكون أجره تنافسيًا مع ما يدفعه مانشستر سيتي للنجم النرويجي.
بحلول ذلك الوقت، بلغت التكهنات ذروتها، وهو أمر وجده عباس مسليًا بعض الشيء، فعندما أشارت وسائل الإعلام المحلية في ميرسيسايد في نهاية يناير إلى أنه سيسافر لإجراء محادثات، نشر عباس صورة على إنستجرام تُظهر المنظر من منزله في دبي، في حين أن محمد صلاح في الوقت نفسه كان يواصل تحقيق الإنجازات والأرقام الرائعة مع ليفربول.
ورغم إحراز تقدم بعض الشيء في المفاوضات، في تلك الفترة من العام في أواخر يناير، إلا أن الطرفين كانا لا يزالان بعيدان عن التوصل إلى اتفاق، ولكن بعد يناير، بذل صلاح قصارى جهده لصرف الانتباه عن الأسئلة المتعلقة بمستقبله، حيث أجرى محادثة مع سكاي آنذاك وأكد أنه لا يعرف النادي الذي سيلعب له الموسم المقبل، مشيرًا إلى إنه يركز على محاولاته ومحاولات الفريق لتحقيق الكثير من الألقاب هذا الموسم، خاصة إذا كان الأخير له في النادي.
كان تغيير التكتيكات انعكاسًا لتحول الزخم، مع إحراز تقدم بين هيوز وعباس، في غضون ذلك، كان آرني سلوت يوضح في المقابلات أنه يريد بقاء صلاح، وقد عكس تصميم اللاعب على الاستمرار مع ليفربول الاحترام الذي اكتسبه الهولندي خلال موسمه الأول.
وفي حين كان الناس خارج النادي يتسائلون عن السبب وراء المدة الطويلة لاتخاذ قرار تجديد عقد محمد صلاح، كان ليفربول متساهلًا في تأجيل أي قرار يخص مستقبله قدر الإمكان، حيث كانوا يعلمون أن الاحتفاظ به سيسمح لـ يفربول بالاستمرار كـ”النادي المنشود” الذي أصبح عليه تحت قيادة كلوب، لكنهم اعتبروا الانتظار إجراءً حكيمًا، إذ استقر الفريق وحافظ على نسقه، وهذه المرة منح هيوز ومسؤولي النادي الآخرين فرصة أكبر للتأكد من قدرة اللاعب على الحفاظ على مستواه في سن 33 وما بعد ذلك.
تضمنت الصفقة، عند الإعلان عنها صباح اليوم الجمعة، صورًا لـ محمد صلاح جالسًا على عرش تحت أضواء أنفيلد الكاشفة ليلًا، كانت هذه الصور قد التُقطت في الليلة السابقة، عندما كان من الأسهل إدخاله وإخراجه من الملعب دون أن يراه أحد، وبالنسبة لـ ليفربول، كان الإعلان بمثابة تأكيد على العمل الذي قام به هيوز وإدواردز خلف الكواليس، وعلى الانطباع الذي تركه سلوت منذ انضمامه الصيف الماضي.
ويشعر النادي أن الأمر نفسه سينطبق على فان دايك، الذي يقترب الإعلان عن تمديد عقده لمدة عامين كذلك.
وواصلت الشبكة تقريرها الذي قارب على النهاية: “لطالما توقع زملاء صلاح التزامه بالنادي، ليس فقط لمساهماته هذا الموسم، بل أيضًا لعلاقته القوية مع سلوت ومدى تفاؤله بمساهمة المدرب في الارتقاء بمستواه خلال هذا الموسم، كما أبدوا إعجابهم بكيفية تحمّل صلاح للمسؤولية المترتبة على كونه جزءًا من قيادة النادي، ودعمه للاعبين الشباب كقدوة”.
كان عباس قد عاد إلى دبي عندما نشر النادي إعلان تجديد عقد محمد صلاح، حيث كان التعامل معه بسيط للغاية، فهو وحده من يتصرف نيابة عن المصري، وصلاح لاعب لا يسمح بالتدخل في شؤونه من قِبل أي جهة، عكس لاعبين آخرين في مكانته، مع العلم أن عباس لا تربطه أي صلة عاطفية بالمكان الذي يلعب فيه صلاح، بالنسبة له الأمر ببساطة يتعلق بالحصول على أفضل صفقة لموكله، وهو يعلم أن ليفربول مكان جيد لذلك.
واختتمت: “ولكن محمد صلاح كان متشوقًا للبقاء، وكذلك أسرته، حيث صرّح اليوم أن ابنته الكبرى مكة كانت أسعد فرد في العائلة جراء قراره، حيث أنها لا تريد الابتعاد عن المدينة ومدرستها وأصدقائها، وعلى الرغم من بعض الصعوبات، كان الحوار بين عباس وهيوز محترمًا، مما ساعدهما على توطيد علاقة كانت ناجحة للجميع، ولا زالت حتى الآن”.